تناقلت المواقع وحتى وكالات الأنباء حالة الغش التي وقعت في أعرق الجامعات الأمريكية، بل أعرق جامعات العالم"جامعة هارفارد". والحكاية بدأت عند ملاحظة أحد مدرسي المواد في كلية "ايفي ليج" أن إجابات طلاب المادة تتشابه! على نحو يوحي أن هؤلاء الطلاب تعاونوا فيما بينهم على الإجابة أو قاموا بنقلها جميعهم من زملاء آخرين!!. وبدأت التحقيقات في الموضوع والتي شملت 250 طالبا. ويبدو أن الشكوك انحصرت في حوالي أكثر من نصف العدد السابق!. وبالطبع الخبر أدرج على موقع الجامعة نفسها. ولم تتردد جامعة "هارفارد" في إعلانه ولم تحاول إخفاءه عن العامة!!. ولو ثبت فعلاً غش الطالب فهو هنا يعاقب على أقل تقدير بإيقافه عن الدراسة لمدة عام!!.
وعلق "مايكل سميث" عميد كلية الآداب والعلوم في هارفارد: ان عدم الأمانة العلمية أمر لا يمكن التسامح معه في هارفارد". كما أنه أوزع للأساتذة أن يشددوا على إيضاح قوانين الغش في الجامعة للطلاب، وعلى زرع ثقافة النزاهة والأمانة لدى طلابهم.
وأعلنت جامعة هارفارد عن عزمها على إقامة عدة محاضرات موسعة في حرم الجامعة تركز حول أهمية الإخلاص الأكاديمي Academic Honest. الملاحظ هنا هو حالة الحزن والصدمة التي انتابت الأساتذة في هارفارد، وعبروا بمرارة أنهم يحتاجون لكثير من العمل الشاق لإحياء قيمة النزاهة integrity ومدى أهميتها بالعموم وبالخصوص في البيئة الأكاديمية.
قد نتساءل ما الذي يجعل "هارفارد" تنشر مثل هذا الخبر؟ أو ليس من مصلحتها ولأجل سمعتها القوية أن تخفيه، وتجعل منه شأناً داخلياً فقط؟!. أعتقد هنا أن الجامعة أرادت أن تكون نزيهة وصريحة، وأرادت أيضا أن تبين للطلاب الآخرين "ولكل من تسوّل له نفسه" أن مثل هذا الموضوع لا يمر مرور الكرام! وأن الأولوية للأمانة الأكاديمية حتى قبل سمعة الجامعة!!. من ناحية أخرى هذا الإعلان يعطي الناس ثقة أكثر في شفافية المؤسسة. فالجامعة هنا لم تكتفِ بالإعلان فقط، بل أعقبته بسلسلة من الإجراءات القانونية التي ستطول من غش من الطلاب،وأيضا مجموعة من الخطط الوقائية في الحاضر والمستقبل.
المضحك المبكي عندما نقلت الخبر لإحدى الزميلات، التي ردت من فورها وبصوت كله سعادة: (والله! الحمد لله حتى الأمريكان في هارفارد يغشون مثلنا!!). طبعا نحن مشغولون بمن أفضل من؟ وعندهم ما عندنا الخ.. بدلا من أن نصلح منظومتنا الأخلاقية التي تعاني من خلل كبير، نلمسه بحالات الغش المنتشرة بين طلابنا وطالباتنا من الغش في الاختبارات إلى الغش في البحوث وهلم جرا. والأكثر مرارة تعاملنا مع حالات الغش التي من المفترض أن تكون أكثر حزماً وقسوة، ونحن نعرف أن من يغش ليس من المسلمين ويخرج منهم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم. ولكن الحاصل هو اختلاط المفاهيم لدينا فبدلا من أن نقول فلانة غشت ونأخذ الموضوع بجدية وعدم تهاون، تدخل كلمات من قبيل مبدأ الستر، وأخذ الأجر في عدم فضح هذه"المسكينة" ولندع الموضوع يمر، بل وصل الأمر الى إحدى الزميلات أن تقول نخاف من دعاء الطالبة علينا!! وحرام سندمر مستقبلها..الخ!!
في النهاية لا نتعجب من بعض مخرّجات التعليم والتي تعاني من الضعف العلمي والأخلاقي!! لمَ لا؟؟ وقد طبقنا عليها مقولة "دعه يغش، دعه يمر!! ". حيث للأسف لدينا تفسيراتنا الجاهزة والمريحة لكل شيء!!.