يضطر حوالي ثلثي طلبة سنة أولى جامعي لإعادة السنة بسبب صعوبة تأقلمهم مع البرامج الجديدة، وكذا مع التخصصات التي وجهوا إليها، في حين يختار آخرون التوجه إلى سوق العمل، نظرا لعجزهم على مواصلة التعليم العالي الذي يتطلب الاستعداد الفكري.
وتعيد التسجيلات الجامعية الخاصة بالطلبة الجدد الحاصلين على شهادة البكالوريا إشكالية التوجيه الجامعي الذي يؤرق الأولياء، ويفسد في كثير من الحالات على الفائزين في هذا الامتحان المصيري فرحتهم، بسبب خيبة الأمل التي يشعرون بها فور اطلاعهم على التخصص الذي وجهوا إليه لمزاولة الدراسات العليا، وهي الإشكالية التي أوعزها المنسق الوطني للنقابة الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي والتقني مزيان مريان لمحدودية عدد المقاعد في التخصصات المطلوبة من بينها الطب والهندسة المعمارية والإعلام الآلي وكذا المدرسة الوطنية للإدارة، وقال بأن أزيد من 300 ألف طالب يحصلون سنويا على شهادة البكالوريا، وهو عدد لا يستهان به يتطلب توفير الإمكانيات الضرورية.
ويضيف المصدر ذاته بأن المشكل الحقيقي يكمن في انعدام الاستمرارية ما بين الثانوية والجامعة، وهو ما يفسر حسب تقديره اتساع نسبة الراسبين بين طلبة السنة الأولى جامعي، مقترحا تنظيم مسابقة للالتحاق بالتخصصات الأكثر طلبا، بغرض عدم حرمان الطلبة الحاصلين على معدل عشرة من مزاولة الدراسة في التخصصات التي يرغبون فيها، مؤكدا بأن الإقصاء يدفع بالطالب إلى الرسوب وهجران مقاعد الدراسة، وأن التنسيق ما بين قطاع التكوين وسوق العمل أضحى أكثر من ضرورة، معبرا عن أسفه لكون ملايير الدينارات التي تخصصها الدولة لتكوين الطلبة تذهب كل عام هباء منثورا، بحكم أن حوالي 60 في المائة من الطلبة الجدد يعيدون السنة، ويختار آخرون مغادرة مقاعد الجامعة بصفة نهائية نحو سوق العمل.
ويقترح مزيان مريان إعطاء أهمية خاصة لقطاعات تم إهمالها في السنوات الأخيرة من بينها قطاع الفلاحة، معتقدا بأنه من غير المنطقي أن ندفع بالطالب الحائز على شهادة البكالوريا دفعا نحو التعليم العالي، وهو ما تكرسه السياسة الحالية التي تنتهجها الدولة، والتي يراد منها حسب تفسير المتحدث شراء السلم الاجتماعي.
وقال من جهته رئيس اتحادية جمعيات أولياء التلاميذ خالد أحمد، بأن أكبر مشكل نبه إليه وزير التعليم العالي السابق رشيد حراوبية منذ سنتين يتعلق بالتوجيه في الجامعة حسب رغبات الطلبة، منتقدا بشدة أن يجبر الفائز في شهادة البكالوريا على ملء استمارة التسجيل بكافة التخصصات المقترحة، ليتم فيما بعد إحالته على التخصص الذي وضعه في الرتبة العاشرة والأخيرة، وذكر على سبيل المثال الموسيقى، وقال بأن سوء التوجيه هو السبب الرئيسي الذي يقف وراء الفوضى التي تعيشها الجامعة الجزائرية، وأن التوجيه السليم ينبغي أن يكون بداية من السنة الرابعة متوسط، بحكم أن الانحراف عادة ما يبدأ في السنة الأولى ثانوي.
وكشف المتحدث عن إعداد ملف كامل يتعلق بقضية التوجيه، سيتم تسليم نسخ منه لوزراء التربية والتعليم العالي والتكوين المهني، يتضمن طرق التوجيه السليم من خلال مراعاة ميولات التلميذ منذ مرحلة الابتدائي، وتدوين كل الملاحظات في بطاقية خاصة، يتم اعتمادها من قبل مجالس الأساتذة للفصل في الشعبة التي يوجه إليها عند بلوغه المرحلة الثانوية، وقال بأن التوجيه إلى قطاع التكوين المهني يجب أن يسبقه تحديد الأهداف المرجوة من ذلك، بما يساعد على تلبية رغبات الطلبة