يبدو أن النموذج التربوي التعليمي في فنلندا ينجح، فهل تعلمون مثلا أن التلاميذ الفنلنديين لا يجتازون اختبارات طيلة الستة سنوات الأولى من التعليم الابتدائي؟
سنة 2007 قامت فنلندا بإصلاحات شاملة وتغيير جذري في نظامها التعليمي الذي أضحى اليوم من أحسن الأنظمة وأنجحها في العالم، فكيف توصل الفنلنديون إلى ذلك؟ يبدو أن السر يكمن في التخلي الكلّي على النماذج المبنية على تقييم الدائم للمكتسبات، وفيما يلي بعض الحقائق عن التعليم الفنلندي :
بخصوص التلاميذ والتعلم:
_ يلتحق الفنلنديون الصغار بالمدرسة في سن 7 سنوات.
_ 30% من التلاميذ يتلقون دعماً خاصاً خلال السنوات التسعة الأولى من الدراسة.
_ لا يخضع التلاميذ لأي اختبار طيلة السنوات الستة الأولى.
_ لا وجود إلا لاختبار موحد يجتازه التلاميذ في سن 16 سنة وهو الوحيد.
_ أقسام العلمية لا يتجاوز عدد التلاميذ فيها 16 وذلك ليتمكنوا من القيام بالأشغال التطبيقية كل فترة.
_ يتمتع تلاميذ الابتدائي بـ 75 دقيقة راحة يومياً.
أما بخصوص النجاح الباهر:
_ 66% من التلاميذ يلتحقون بأحسن الجامعات الأوروبية وأعلاها مستوى.
_ الفرق بين أحسن تلميذ وأضعف تلميذ هو الأصغر في العالم.
_ 93% ينجحون في المرحلة الثانوية.
_ منذ عام 2001 يترأس الشباب الفنلنديين المناصب العليا في التصنيفات العالمية في العلوم والقراءة والرياضيات.
بخصوص الميزانية:
_ تصرف فنلندا أقل بـ 30% مما تصرفه الولايات المتحدة الأمريكية على التلميذ الواحد.
_ التعليم ممول 100% من طرف الحكومة.
_ متوسط دخل المعلم المبتدأ يعادل 29000 دولار سنة 2008.
أما بالنسبة للمعلمين:
_ لا يدرسون أكثر من 4 ساعات في اليوم ويشاركون في تكوين مستمر بمعدل ساعتين في الأسبوع.
_ جميع المدرسين يحملون درجة الماجستير، مدفوعة بالكامل من قبل الدولة.
_ يتم اختيارهم من بين أفضل 10٪.
_ عام 2010 ترشح ما لا يقل عن 6600 شخص لشغل 660 وظيفة في المدارس الابتدائية.
_ يتساوون مع الأطباء والمهندسين في الحالة الاجتماعية.
ليس هذا فحسب فمازالت فنلندا تسعى للتحسين والإحسان في مجال التعليم ويناقش خبرائها حالياً إمكانية التخلي عن مفهوم التدريس اعتماداً على مواد دراسية أي تخصيص ساعة للتاريخ وساعة للعلوم وساعة للرياضيات واستبدالها بموضوعات، أي أن يدرس التلميذ مدة زمنية محددة يتم فيها التركيز على موضوع معين يتناول عدة مواد في نفس الوقت فيكتسب عدة معلومات مختلفة كأن يدرس مثلاً موضوع المغرب العربي الذي يتضمن معلومات عن التاريخ والجغرافيا واللغات… و الهدف من هذا المنهج هو حاجة المجتمع المعاصر لنوعية مختلفة من التعليم تجهز الطلاب لبيئة العمل.
كما يتضمن المشروع فكرة التخلي عن طريقة التدريس السلبية حيث يجلس التلاميذ في صفوف مما يجعلهم لا يتفاعلون كثيراً مع الدرس واستبدالها بطريقة الحلقات الصغيرة التي تجعل التلاميذ يتعاونون ويتفاعلون فيما بينهم لطرح الأسئلة والبحث عن الإجابات المناسبة لها.
لقي هذا المشروع رفضاً من عدة معلمين خاصة المتخصصين في مواد معينة فيما يرى القائمون على المشروع أن هذا النظام سيعزز التعاون بين المدرسين كما سيتمتعون بتحفيزات مادية للمضي قدماً في هذا النظام الجديد.
هذا هو النموذج الفنلندي الناجح الذي يعتبر جريئاً ونوعياً فبإمكاننا أن ننسج على منواله وندرج مثل هذه المشاريع في برامجنا الإصلاحية في العالم العربي وكما يقول المثل الفرنسي: إذا وُجدت الإرادة فبإمكاننا أن ننجز …