يحكى أنّ حكيماً كان يقصده الناس من كل مكان لينهلوا منه العلم، وكان التلاميذ الذين حوله يعرفونه بالحكمة ورجاحة العقل. كان أحد طلابه شاباً فقيراً لا يملك المال، فجاء إلى الحكيم ليستأذنه في أن يسافر ليطلب المال فأذن له، فأخذ الشاب رحاله وسافر، وفي الطريق مر على غابة كثيفة الأشجار، وجد فيها ثعلباً جريحاً ملقى على الأرض، فاقترب منه فوجده ما زال على قيد الحياة رغم ما أصابه من
جراح!..فاستغرب كيف أمكنه العيش هنا مع هذه الجروح!. اهتم الشاب لأمر الثعلب فأخذ يراقبه فترة من الزمن، فإذا بأسد يظهر من بين الأشجار ممسكاً بفريسة واقترب من الثعلب وجلس يأكل منها حتى شبع وترك الباقي وانصرف فاقترب الثعلب زاحفاً وأخذ يأكل من باقي الفريسة فأكل حتى شبع، فأخذت هذا الشاب الدهشة وقال:"سبحان الله الذي يرزق هذا الثعلب الجريح..سيرزقني وأنا عند الحكيم". فأخذ رحاله ورجع إلى معلمه.. وحين رآه الحكيم سأله:"ما الذي أعادك بهذه السرعة؟". قال له:"رأيت ثعلباً جريحاً في الغابة يأتيه أسد بالأكل فقلت في نفسي: "الذي يرزق هذا الثعلب سيرزقني..وأنا عندك أيها الحكيم". سكت الحكيم قليلاً ثم قال:"يا بني لماذا اخترت أن تكون ثعلباً ولا تكون أسداً..يا بني كن أنت صاحب ((اليد العليا)) ولا تكن صاحب ((اليد السفلى)). سؤال ملح يطرح نفسه
علينا باستمرار: إنّ من لا يملك مهارة ولا يتقن صنعة فأنى له التأثير؟!. وكيف يمكنه صناعة الحياة؟؟!.