بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:-
كان نبي الله أيوب عليه السلام غنياً وافر المال، أنعم الله عليه بالأنعام والمواشي والأراضي الزراعية الواسعة، ومع ذلك لم يتكبر أو يكفر، بل كان شاكراً لله على نعمه، متعبداً، كثير الصلاة والصيام، كما كان عليه السلام منفقاً للمال في سبيل الله، يعلم أن ماله أمانة في عنقه، أن صرفه في وجوه الخير فاز، وإن صرفه في وجوه الشر خسر، ولذا كان يتصدق على الفقراء والمحتاجين، ويحنو على الضعفاء والمحرومين، فيطعم الجائع، ويكو العاري.
حاول الشيطان الرجيم أن يصرفه عن عبادة الله تعالى بكل الطرق، ولكنه عجز عن ذلك،أراد الله تعالى أن يختبر نبيه، ويرى مدى صبره، فشاء أن تزول أموال أيوب عليه السلام وأراضيه فيصبح فقيراً بعد غناه. وظن إبليس اللعين أن أيوب لم يعبد الله عز وجل إلا طمعاً في بقاء ثروته و أمواله،فحاول أن يوسوس ويزين له الكفر بالله.
ولكنه فشل، وظل عليه السلام صابراً شاكراً متعبداً؛ فالمال مال الله، هو الذي أعطى وهو الذي أخذ.
ثم شاء الله عز وجل أن يفقد أيوب عليه السلام أولاده فاشتد حزنه وبكى، ولكنه صبر وتحمل المصبية، وحمد الله تعالى،؛ فجميع الناس راجعون إلى الله تعالى. ولكن إبليس لعنه الله فرح لما حل بأيوب عليه السلام وظن أنه سينصرف عن عبادة الله عز وجل، فخاب ظنه، وراح يتعجب من صبر أيوب عليه السلام ودوام عبادته لله وشكره له.
وأراد الله تعالى أن يمتحن صبر أيوب عليه السلام على فقد الصحة، فسلبه العافية، وابتلاه في جسده بأمراض شديدة، فلم يبق منه عضو سليم سوى قلبه ولسانه، يذكر بهما الله عز وجل وطال مرضه حتى ابتعد عنه الناس، ورفاقه الأصدقاء، ولم يعد يستطيع النوم، فصار فراشه كالشوك، ولكنه عليه السلام كان صابراً متحملاً، فلم يجد الشيطان طريقاً ينفذ منه إليه.
كان مما ساعد أيوب عليه السلام على تحمل الأذى والصبر إليه، الوفية المخلصة التي رافقته في سنوات مرضه الطويلة ترعاه، وتخفف آلامه، وتقوم على خدمته دون ضجر أو ملل، ولم تكن تشكو هماً حتى ضعف جسمها، ونفذ مالها، فصارت تخدم الناس لتعين زوجها بما تحصل من أجر لقاء عملها. متذكرة فضل زوجها عليها، وما كان يوفره لها من نعيم وسعادة. ثم أخذ الناس يبتعدون عنها حتى لا تنقل لها مرض زوجها، ولم تعد تجد من يقبلها للعمل.
تحير الشيطان في أيوب عليه السلام فها هو يفشل من جديد في صرفه عن الإيمان بالله تعالى، ف**ر في الوصول إليه عن طريق زوجته، وأخذ يذكرها بزوجها عندما كان شاباً صحيح الجسم، وكيف أصبح بهذه الصورة القبيحة، ويجعلها تتساءل: إلى متى ستظل تخدمه، وترهق نفسها من أجله؟ وظل يوسوس لها في ذلك إلى أن أدخل الحزن والملل في نفسها؛ فسألت زوجها أيوب عليه السلام :
إلى متى ستصبر على بلواك وما تعاني من المرض؟ ألا تدعو ربك وتسأله أن يشفيك؟! فقال لها أيوب عليه السلام :
لقد عشت سنين طويلة أتمتع بالمال، والأولاد، والصحة والسعادة، أكثير علي أن اصبر على ابتلاء ربي بعض السنين؟!
وعرف أيوب عليه السلام أن زوجته استجابت لوسوسة الشيطان قليلاً؛ فطلب منها أن تتوب إلى الله تعالى، وبقي يعاهد نفسه أن يضربها مئة سوط إن شفاه الله عز وجل .
اشتد مرض النبي أيوب عليه السلام فتوجه إلى الله عز وجل يدعو ويسأله أن يكشف ضره قائلا:
* وَأَيوبُ إِذْ نَادَى رَبهُ أَنِي مَسَنِي الضُرٌ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَحِمِينَ { 83 }
فاستجاب الله عز وجل لدعائه، وكشف ما به من ضر بعدما ضرب أروع المثل في الإيمان، والصبر والتحمل، وأوحى إلى ربه أن يضرب برجله الأرض لينفجر الماء العذب من تحتها؛ فاغتسل أيوب عليه السلام منه وشرب، فبرئت جروحه، وذهب عنه المرض والسقم، وعاد معافىً في بدنه كما كان، ثم أعاد زوجته التي ندمت ما صدر منها.
لقد كافأ الله تعالى نبيه على إيمانه، وصبره، وتحمله، ومقاومته الشيطان ورده خائباً، ثم أكرمه بأن أعاد إليه زوجته التي أخلصت له وتحملت ما أصابه من مرض وأذى، وجعل لقسمه عليها تخفيفاً، فقد أمره الله تعالى أن يأخذ حزمة من القش فيها مئة قشة، ويضرب بها زوجته ضربةً واحدة فيكون كأنما ضربها مئة سوط.
يا قارئ خطي لا تبكي على موتــــي فاليوم أنا معك وغداً في التراب
و يا ماراً على قبري لا تعجب من أمري بالأمس كنت معك وغداً أنت معي أمـــوت و يـبـقـى كـل مـا كـتـبـتـــه ذكــرى فيـاليت كـل من قـرأ خطـي دعالي