انتهت أيام امتحانات البكالوريا 2012 ، وسط حراراة فاقت في يومها الأخير 40 درجة، بكالوريا غابت فيها ظاهرة الأخطاء المطبعية منها واللغوية، لكنها فسحت المجال لبروز ظاهرة الإشاعات عن أسئلة مسربة، أرقت الأولياء والتلاميذ معا... فالكثير منهم أمضوا ساعات مطوّلة في حل أسئلة على أنها مسربة، لكنها لم تكن سوى مجرد إشاعة، تمكنت هذه المرة وزارة التربية من مقاومتها.
الساعة الثالثة زوالا يُفتح باب مركز الإمتحانات والمسابقات بالقرب من ثانوية الإخوة حامية بالقبة، مئات العائلات تنتظر أساتذة صناع البكالوريا، منهم من كان يهم بفتح هاتفه النقال وآخرون يحملون حقائبهم بعد أكثر من 20 يوما من الحجز.
كان هناك عدد كبير من رجال الشرطة يطوّقون المكان، دقت ساعة الخروج.. عددهم يقارب أكثر من 120 أستاذ، اقتربت "الشروق" منهم لحظات بعد خروجهم من "الحجز" مساء الخميس.
كان من بينهم عائلة أستاذ رياضيات قادمة من ولاية تلمسان، تكشف زوجته للشروق اليومي قائلة: "لقد تعوّدنا على غيابه وعدم الاتصال بنا لمدة 20 يوما ..".
وكان بجانبها شقيق أحد عمال المطبعة، حيث سُمح له بالدخول إلى الفناء، ريثما ينتهي توزيع آخر امتحان في مادة الفلسفة والألمانية الذي جرى مساء يوم الخميس. يقول شقيقه: "إنه أمر صعب أن لا يستطيع أحد الإتصال مع ذويه حتى هاتفيا، ولا نعرف عنه أي شيئ طيلة أكثر من 20 يوما ... فالأمر أصعب بكثير من الذهاب إلى الحج .. فلو ذهب إلى الحج لكان بإمكانه الإتصال والإطمئنان على أولاده".
أساتذة رياضيات: "الأسئلة كانت صعبة لأن التلميذ لم يتدرّب على الحل"
كنا نبحث عن أساتذة الرياضيات ممن صنعوا أسئلة دورة جوان 2012 في مادة العلوم التجريبية، التقينا بأحدهم، فرّد قائلا بعد تحفظ كبير، وبإصرار على عدم ذكر اسمه في الموضوع قائلا: "الأسئلة الصعبة هي فقط في أذهان من يريد التشويش على البكالوريا، كان لدينا ثلاثة مواضيع، وخضعت جميعها للقرعة والفحص، وكل المواضيع التي قمنا بتحضيرها كانت في المستوى المتوسط، ما هي بسهلة وما هي بصعبة، والآن فقط سمعت بأنها كانت صعبة جدا".
وقال أحد الأساتذة في نفس المادة "إن وزارة التربية الوطنية هنأتهم على نجاح الدورة، ولم يعلموهم بتاتا بوجود أي نوع من الأخطاء"، مؤكدا أنهم كانوا يطالعون يوميا الجرائد ويشاهدون التلفاز، وهما الوسيلتان الوحيدتان للإطلاع على أخبار العالم.
وقد تفاجأوا عبر وسائل الإعلام بصعوبة مادة الرياضيات، لكنهم حمّلوا المسؤولية إلى كثرة الإضرابات وسوء الأحوال الجوية لهذا الموسم، وهي الفترة التي تسببت في عدم تمكن التلاميذ من حل تمارين كافية في المسألة التي وردت في الامتحان.
وقال أستاذ آخر أمضى أكثر من خمس سنوات كاملة في إعداد أسئلة البكالوريا قائلا: "راعينا أن تكون الأسئلة ليست بالصعبة ولا السهلة في آن واحد، حتى نعطي لها مصداقيتها أكثر، أما فيما يخص صعوبتها لمترشحي شعبة العلوم التجريبية، فذلك يعود إلى أنهم لم يتدّربوا كثيرا على حل ذلك النوع من المسائل الرياضية".
هذا وانتهت، أول أمس، امتحانات مترشحي شهادة البكالوريا بالنسبة للشعب العلمية والتقنية، حيث كان امتحان مادة الفيزياء والفلسفة في متناول المترشحين، حسب شهادات البعض منهم ممن التقت بهم الشروق اليومي، إلى جانب الممتحنين في شعبة العلوم الطبيعية والحياة، بالنسبة للمترشحين الأحرار.
انطلاق عملية تشفير وترميز أوراق البكالوريا
انطلقت بصفة رسمية عملية ترميز وتشفير أجوبة التلاميذ عبر سبعة مراكز، تم استحداثها من طرف وزارة التربية الوطنية لهذه الدورة، بعد استكمال نقل جميع أجوبة تلاميذ الجنوب والتي تم نقلها عبر طائرات عسكرية.
وتبدأ عملية ترميز وتشفير إجابات الطالب بعد إعادة ترتيب جميع الأجوبة وإلغاء الأوراق التي لا تحمل هوية صاحبها أو التي لا تحمل رقم التسجيل، ليتم بعدها نزع بيانات الهوية التي في أعلى ورقة إجابة التلميذ، بما فيها رقمه الآلي.
حيث يوضع على هوية الطالب رقم تشفير، يوضح فيما بعد أن صاحبه هو الذي سيحمل رقم الترميز الجديد، وتسمى هذه العملية بالتشفير، ويتم الاحتفاظ بهذا الاسم في سرية تامة، حيث لا يكون إلا لرؤساء لجان التجميع معرفتها، وأكدت مصادرنا أنه يتم أيضا إلغاء الأوراق التي تحمل علامات مميزة داخل الإجابة كإدراج بعض الطلبة لأسمائهم وألقابهم داخل ورقة الإجابة.
لجنة البيداغوجيا تقر بخلو مواضيع الإمتحانات من الأخطاء
من جهة أخرى، وبانتهاء إمتحانات البكالوريا رفعت اللجنة البيداغوجية لمتابعة مواضيع امتحان البكالوريا، تقريرها بخصوص مواضيع البكالوريا التي امتحن فيها التلاميذ بكل تفاصيلها العلمية واللغوية، وخلصت اللجنة، من خلال التقارير التي أعدتها أن مواضيع امتحان البكالوريا لدورة جوان 2012، والتي على أساسها يتم اتخاذ إجراءات احترازية قبل الشروع في عملية التصحيح إن ثبت عجز واضح في حل الأسئلة، إلى التأكيد على أن مواضيع الامتحان كانت وفق البرنامج، وفي إطار العتبة المحددة، وخالية من الأخطاء العلمية واللغوية وفي متناول المترشحين، مع تسجيل تلقي بعض التلاميذ صعوبة في حل مواضيع امتحان مادة الرياضيات بالنسبة للشعب العلمية، وجاء ضمن التقرير النهائي أن بكالوريا هذه الدورة، عرفت ظاهرة المتاجرة بالأسئلة الوهمية من قبل أشخاص سيخضعون للمتابعة القضائية، إذا ثبت عليهم ذلك، وفق ما صرح به وزير التربية الوطنية أبو بكر بن بوزيد في أكثر من مرة