عـُرفَ هَبنـَّـقة بالحمق والغفلة ، وقد ضُربَ به المثلُ فيهما ( واسمه يزيد ) ،
وبلغ من حمقه أنه كان يعلق في عنقه قلادة ً من عظام ٍ وودع ٍ وخزف ٍ، ويقول : أخشى أن أضيعَ من نفسي . وذاتَ ليلة ٍ حوَّلت أمه قلادته إلى عنق ِ أخيه ،
فلما أصبح ورآها قال : أخي ، أنتَ أنا ، فمن أنا ؟
ومن حماقته أن قوما ً من بني طفاوةَ وبني راسب ٍ اختصموا في رجل ٍ كلٌ منهما يدَّعي أنه منهم ، فاحتكما إلى هبنقة ، فقال : حـُـكـْمـُـهُ أن يـُـلقـَـى في الماء ، فإن طفا فهو من بني طفاوة ، وإن رسب فهو من بني راسب . فقال
الرَّجلُ : إن كان الحـُـكمُ هذا فقد زهدتُ من الطائفتين .
وإحمقُ من هبنقة رجلٌ من خـُـزاعة َ يـُدعى ( ابو غـُبشان ) ، كان يلي في
الجاهلية سدانة البيت ( الكعبة المشرفة ) ، فاجتمع مع قـُـصي بن كلاب أحد
أشهر رجالات ِ قريش في الجاهلية ، ومن أجداد النبي – صلى الله عليه وسلم – على الشرا ب في الطائف ، فلما سـَـكـِـرَ اشترى منه قصي ولاية سدانة البيت بـِـز ِق ٍ من الخمر، وأخذ منه مفاتيحه ، وطار بها إلى مكة َ ، وقال :
يا معاشرَ قريش ، هذه مفاتيحُ أبيكم إسماعيل ، ردّها الله عليكم من غير غدر ٍ
ولا ظلم ٍ . وأفاق أبو غـُـبشان ، فندم غاية الندم ، فقال شاعرهم :
باعتْ خـُـزاعة ُ بيتَ الله ِ إذ سـَـكـِـرتْ
بـِـز ِقِّ خمر ٍ فبئستْ صفقة ُ البادي
باعتْ سـِـدانتـَـها بالخمر ِ وانقرضــتْ
عن المقام ِ وظلِّ البيت ِ والنـــــادي