ما حققه 462 مترشح للتشريعيات من بينهم 145 امرأة هو صعود صاروخي في السلم الاجتماعي من كل النواحي خاصة المادية منها، وإذا كان أصحاب المال والوزراء لن تزيد هاته الامتيازات شيئا في حياتهم الاجتماعية، فإن الكثير من المترشحين والمترشحات بالخصوص سيجدون أنفسهم في عوالم أخرى من الامتيازات، لم يحلموا بها في حياتهم، خاصة القادمين من مناطق نائية وولايات محرومة وفقيرة وجنوبية.
ولكم أن تتصوروا شابة مثل الآنسة آسيا كنانة من حزب النور الجزائري بخنشلة التي كانت تشرب المر بمنحة الشبكة الاجتماعية التي لا تزيد عن 3000 دج شهريا لا تحصل عليها إلا بعد أن تكون قد أفلست، وهي الآن براتب لم تحلم به في حياتها.
الشروق سألت برلمانيين سابقين عن مستوى معيشتهم خلال العهدة الانتخابية الممتدة على مدار خمس سنوات، وحتى ما بعد انتهاء العهدة، فعدّدوا لنا هاته الامتيازات بدءا بالمرتب الشهري الذي يبلغ 35 مليون سنتيم، كما تقدم لكل برلماني منحة شهرية تدخل في الراتب بقيمة 12 مليونا من أجل السكن على أساس أن يستأجر بها فيلا لائقة في مدينته، ولكن الغالبية لا تفعل حيث يحصلون على سكنات بطرق أخرى من دوائرهم، ولم يحدث أن استعمل برلماني هذه المنحة في موضعها.
وغالبيتهم يتحصلون على قطع أرضية ويبنون فيلات خاصة، وتمنحه الدولة أيضا 8 ملايين للطعام خلال نشاطاته في ولايته، رغم أن كل البرلمانيين لا يتحركون داخل ولاياتهم ومنهم من لا يلتقي إطلاقا لا مع رئيس البلدية أو مع والي الولاية، إلا بالصدفة أو في بعض الاجتماعات المحلية التي يستغل الكثير من البرلمانيين موعدها لتحقيق مآربهم الشخصية طبعا.
كما يستفيد النائب وطبعا النائبة من منحة بخمسة ملايين سنتيم تخص هاتفه النقال الذي قد يستعمله في مكالمات عائلية وحتى مكالمات أخرى، وهذا ضمن راتبه، ولا تتوقف الامتيازات عند هذا الحد بل إن تنقلاته إلى العاصمة إن حدثت، خاصة أن الحضور إلى المجلس الشعبي الوطني أصبح الآن شبه إجباري، بعد أن كان بعض النواب يختفون تماما على مدار عهداتهم عن الأنظار، حيث يُمنح مبلغ 5000 دج، إذا تنقل برا من وهران أو قسنطينة إلى مقر البرلمان بالجزائر العاصمة، وأزيد عن 7000 دج إن اختار الطائرة وسيلة له، ومبلغ مضاعف إن طار في الدرجة الأولى عبر الطائرة، ويكون في انتظاره سائق وسيارة ينقله حيثما شاء وأينما شاء خلال المدة التي يقضيها بالجزائر العاصمة، ناهيك عن غرفة مجانية في فندق جميل ومحترم بقلب العاصمة.
ويستفيد كل برلماني من منحة أو سلفة من دون فوائد للاستفادة من سيارة جديدة تصل إلى 150 مليون سنتيم يسددها بطريقة مريحة لا تُتعب مرتبه الضخم نهائيا، كما يستفيد من تأمين كامل لسيارته بتخفيض يصل إلى 70 بالمئة، ويتواصل هذا التخفيض بعد انتهاء العهدة البرلمانية مدى الحياة، وكثير من النواب يتمتعون بسفريات إلى الخارج، رغم أن الأمر يحدث من باب المحاباة طبعا، ومنهم من يستفيد من عشر رحلات خلال العهدة، وهي ظاهريا ذات طابع عملي، حيث تبلغ منحة تنقله بين 1500 و3000 أورو، رغم أن تواجده في الخارج يكون مدفوع الأجر، نقلا وأكلا وخاصة مبيتا في فندق عالمي من خمسة نجوم.
ولا يتعب البرلماني في الحصول على التأشيرة مثل بقية المواطنين إلى أي بلد يريد زيارته أو يُكلف فيه بعمل أو مهمة شكلية، حيث يرسل جواز سفره، ومن دون أن يتنقل يجد التأشيرة الممتدة بين عام إلى سنتين كاملتين جاهزة وفي انتظاره، وكان نواب المجلس الشعبي الوطني قد طالبوا وكافحوا في بداية الألفية من أجل الحصول على جواز سفر ديبلوماسي، ولكنهم فشلوا في تحقيق مرادهم رغم أن مرتبات البرلمانيين في ذلك الوقت أي في عهدة 2002 لم تكن تتجاوز الثمانية ملايين سنتيم، ومنحة تقاعدهم الحالية ليست منتفخة مثل منحة تقاعد البرلمانيين الخارجين الآن من مقر زيغود يوسف.
وتبقى الامتيازات بالنسبة لرئيس المجلس الشعبي الوطني ونوابه والمقررين أكثر سيلانا للعاب، ومنها سيارتين تحت تصرفه وسكرتيرة وغيرها من الامتيازات خاصة في السفر إلى الخارج، وفي المطارات العالمية فإن البرلماني لا يتم تفتيشه ضمن قانون عالمي يخص كل برلمانيي العالم، كما يستفيد البرلماني خلال الخمس سنوات من امتيازات كبرى في البريد وفي الخطوط الجوية الجزائرية التي تمنحه التذكرة متى شاء، وفي المداواة مجانا في عيادة خاصة بالجزائر العاصمة صاحبها هو أيضا برلماني.
وطالب البرلمانيون السابقون بعيادات في مدنهم ومنح فرصة المجانية لعائلاتهم ولكن طلباتهم نُسفت في آخر لحظة، أما الحصانة البرلمانية التي هي أمل أصحاب المال والأعمال بالخصوص فتمنحهم قانونيا عدم متابعتهم بجنحة القذف خلال العهدة مهما تلفظوا من كلام يخص الهيئة التنفيذية، ورغم أن ذات المادة تمنع البرلماني من ارتكاب تجاوزات والتعدي على المواطنين، إلا أن العكس هو الذي يحدث.
كما يختار البرلماني بين أن يتحصل على السلاح للدفاع لتحصين نفسه أمنيا أو الاستغناء عنه، البرلماني يبقى رأس ماله هو تلك البطاقة البرلمانية الصغيرة المكتوب فيها اسمه وصورته والدائرة الانتخابية التابع لها وتحديد سنة العهدة الممتدة على مدار خمس سنوات، أي بالنسبة للبرلمانيين الحاليين إلى غاية 2017 ، وهو للأسف يُظهرها حتى في الأسواق وحواجز مصالح الأمن، أما نساء البرلمان الكثيرات جدا واللائي بلغ عددهن 145 في البرلمان الحالي بعد أن كان الرقم ثلاثين امرأة فقط، فستستفدن بالمجان من صالون حلاقة داخل مقر زيغود يوسف يسيّره حلاق متخرج من أكبر صالونات الحلاقة بباريس ويقال إنه الأحسن على المستوى الوطني، وواضح أنه مجبر في العهدة الحالية على تدعيم طاقمه بعد أن تضاعف عدد نساء البرلمان بأربعة أضعاف العدد السابق.
ولا توجد مراكز تجميل في مقر زيغود يوسف وحتى الحوانيت التي تبيع داخل البرلمان يتم فيها الدفع باستثناء الصحف التي تصل البرلمانيين بالمجان بالإضافة إلى صندوق بريد توضع فيه الحوالات والدعوات، وكانت السيدة نعيمة صالحي قد اقترحت منحة للباس الأنيق حتى يكون البرلماني بوجه لائق ولكن خروجها صفر اليدين من الانتخابات، ستُبقي اللباس الصيني هو المسيطر على برلمانيي الجزائر، كل هاته الامتيازات بقيت للأسف على مدار سنوات تمنح لأشخاص لا يمكنهم حتى مناقشة وزير في أمر يخص المواطنين فاكتفى غالبيتهم برفع اليد وفقط مقابل هذه الامتيازات.