أخلاقنا الإسلامية العظيمة
القنـاعة
بسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله
أحمد الله و أستعينه و استغفره و ما توفيقى إلا بالله عليه توكلت و إليه أنيب .
يقول الشاعر :
هـي القنـاعة لا تـرضى بهــا بـدلا فيهــا النعيـم و فيهــا راحـة البـدنِ
انظـر لمـن ملــك الدنيـا بأجمـعـها هـل راح منها بغيــر القطـن و الكفـنِ
و يقول آخر :
اقنع من الدهر ما أتاك بـه من قر عيناً بعيشه نفـعـه
قد يجمع المال غير آكـلـه و يأكل المال غير من جمعه
و كانت جدتى رحمها الله تقول فى المثل الشعبى
" طمعنجى بنى له بيت فلسنجى سكن له فيه "
و معنى المثل أن الطماع بنى منزلاً رغبة فى المال الكثير الوفير
و قد يكون قد رفض أن يسكن فيه إلا صاحب مال وفير فرزقه الله عز و جل ساكناً مفلساً .
و كم واجهنا نحن فى الحياة العادية هذه الأمور و كم مرة خاطبنا أنفسنا بقول :
" الطمع قل ما جمع "
ندماً على شىء خسرناه نتيجة عدم القناعة و الطمع فى الزيادة .
و ما أروع القصة القديمة الشهيرة التى فيها يبرز نهاية الطمع و عدم القناعة حيث
" يحكى أن ثلاثة رجال ساروا في طريق فعثروا على كنز ، و اتفقوا على تقسيمه بينهم بالتساوي ،
و قبل أن يقوموا بذلك أحسوا بالجوع الشديد ، فأرسلوا أحدهم إلى المدينة ليحضر لهم طعامًا ،
و تواصوا بالكتمان ، حتى لا يطمع فيه غيرهم ،
و في أثناء ذهاب الرجل لإحضار الطعام حدثته نفسه بالتخلص من صاحبيه ، و ينفرد هو بالكنز وحده ،
فاشترى سماً و وضعه في الطعام ،
و في الوقت نفسه ، اتفق صاحباه على قتله عند عودته ؛ ليقتسما الكنز فيما بينهما فقط ،
و لما عاد الرجل بالطعام المسموم قتله صاحباه ، ثم جلسا يأكلان الطعام ؛ فماتا من أثر السم "
فهم جميعاً لم يحمدوا الله و لم يقنعوا فيما رزقهم و طمع كل واحد فيما عند الآخر .
و الإنسان القنوع يحبه الناس بل و يكرمونه على عكس من يطمع فى الناس
و يظل طوال الوقت حاسداً حاقداً على ما فى إيدى الناس .
و قد كان الصحابة الكرام رضى الله عنهم و أرضاهم مثالاً عظيماً فى القناعة
و قد علمهم من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه و سلم على أخلاقيات الإسلام
و يتضح ذلك فى هذا الموقف العظيم من خلال الحديث الشريف :-
" أن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال :
سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم فأعطاني ، ثم سألته فأعطاني ،
ثم قال لي :
( يا حكيم ، إن هذا المال خضر حلو ، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه ،
و من أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه ، و كان كالذي يأكل ولا يشبع ،
و اليد العليا خير من اليد السفلى ) .
قال حكيم : فقلت : يا رسول الله ، والذي بعثك بالحق ،
لا أرزأ أحدا بعدك شيئا ، حتى أفارق الدنيا .
فكان أبو بكر يدعو حكيما ليعطيه العطاء فيأبى أن يقبل منه شيئا ،
ثم إن عمر دعاه ليعطيه فأبى أن يقبله ،
فقال يا معشر المسلمين ،
إني أعرض عليه حقه الذي قسم الله له من هذا الفيء فيأبى أن يأخذه .
فلم يرزأ حكيم أحدا من الناس بعد النبي صلى الله عليه و سلم حتى توفي رحمه الله "
لقد علمه نبينا الكريم صلى الله عليه و سلم القناعة و التعفف فالتزم بها حتى توفى رحمه الله .
فالقناعة جزء من الرضا لأن من رضى بما قسم الله له
و ما قدره عليه لقنع بما عنده و أبى إلا ان يتعفف .
و انت عندما يكرمك شخص ما لحاجة أو ظرف تمر به فلا تتمادى فى طلب المعونة
و تطمع فى كرم من اكرمك و لا تقنع بما بذل إليك فى لحظات حاجتك و عوزك
" لأن من أخذه بغير حقه كان كمن يأكل فلا يشبع "
كما جاء فى الحديث الشريف .
القناعة سلوك يجب غرسه فى الطفل منذ صغره و يتربى عليه ليحيا كريماً بين أقرانه
صغيراً كان أو كبيراً و يتعود أن يقنع بما يحضره له أبواه دون جشع أو طمع أو طلب المزيد .
و الزوجة و ما أدراكم ما الزوجة يجب أن تتحلى ايضاً بالقناعة
و لا تكلف زوجها ما لا يطيق و أن ترضى بما قسم الله لها .
إن القناعة زينة الكرام و الطمع من شيم اللئام فإن أحببت أن تكون لئيماً فكن
و لكن استعد لنفور الناس و كراهيتهم لك .
و إن أحببت ان تكون كريماً فكن تجد الخير و البركة و حب الناس و إقبالهم عليك
و كن كما قال الشافعى رضى الله عنه :
رأيت القناعة رأس الغنىِ فصرت بأذيالها متمسـك
فلا ذا يراني علـى بابـه و لا ذا يراني به منهمـك
فصرت غنياً بـلا درهـمٍ أمرعلى الناس شبه الملك
أقوال فى القناعة
من القرآن الكريم :-
{ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }
النور 32
من السنة المطهرة :-
نام رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصير فقام وقد أثر في جنبه
فقلنا يا رسول الله لو اتخذنا لك وطاء
فقال عليه الصلاة و السلام :
( ما لي و ما للدنيا ،
ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ، ثم راح و تركها )
الراوي : عبدالله رضى الله تعالى عنهم
المحدث : الألباني
المصدر : صحيح الترمذي الصفحة أو الرقم :2377
خلاصة حكم المحدث:صحيح
السلف الصالح :-
لمَّا رأيت النَّاس قد أصبحوا و همَّة الإنسان ما يجمـع
قنعت بالقوت فنلت المنـى و الفاضل العاقل من يقنع
و لم أنافس في طلاب الغنى علماً بأنَّ الحرص لا ينفع
أبي عبد الله الصُّوري
" سرور الدنيا أن تقنع بما رُزِقْتَ، وغمها أن تغتم لما لم ترزق "
أحد الحكماء
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
العبيد ثلاثة: عبد رِقّ، وعبد شهوة، وعبد طمع
أحد الحكماء
لله درّ القنوع من خلق ! كم من وضيع به ارتفعا ؟!
يضيق الفتى بحاجته و من تأسى بدونه اتسعا
عبد الله بن المبارك
" يا بني: إذا طلبت الغنى فاطلبه بالقناعة، فإنها مال لا ينفد؛
وإياك والطمع فإنه فقر حاضر؛ وعليك باليأس،
فإنك لم تيأس من شيء قط إلا أغناك الله عنه "
سعد بن أبي وقاص رضى الله تعالى عنه
" الفقه الأكبر القناعة و كف اللسان"
عمر بن عبد العزيز يرحمه الله
" من أكثر مواهب الله لعباده وأعظمها خطراً القناعة وليس شيء أروح للبدن من الرضا بالقضاء
والثقة بالقسم ولو لم يكن في القناعة خصلة تحمد إلا الراحة
وعدم الدخول في مواضع السوء لطلب الفضل
لكان الواجب على العاقل ألا يفارق القناعة على حالة من الأحوال