((( البعره تدل على البعير .. والأثر يدل على المسير )))
هذا ما نطق به لسان الفطرة عند الأعرابي عندما سُئل عن دليل وجود الله ؟ فقال: البعرة تدل على البعير .. والأثر يدل على المسير .. فسماء ذات أبراج .. وأرض ذات فجاج .. ألا تدل على العليم الخبير ..
سبحان الله ..
فالعقل قاضٍ بأن الموجود لابد له من مُوجد .. وأن المخلوق لا بد له من خالق ..
وفي كل شيء له آية *تدل على أنه واحد
فهذا مثلا "قس بن ساعدة الإيادي" حين كان في الجاهلية .. قبل الإسلام .. يركب ناقته.. ويسير إلى السوق يخاطب الناس بكلمات تفكرية بحثية عقلية إيمانية .. يقول لهم: "أيها الناس .. اسمعوا وعوا .. من عاش مات .. ومن مات فات .. وكل ما هو آت آت .. ليل داج .. ونهار ساج .. وأرض ذات فجاج .. وسماء ذات أبراج .. ونجوم تزهر .. وبحار تزخر .. أفلا يدل ذلك على الله الواحد القهار؟!.".
ويتحدث عنه الرسول العظيم محمد صلى الله عليه وسلم حين يسمع خطبته هذه، فيقول: إن كاد قَسٌّ ليسلم ..
وقبل الجاهلية أيضا قال الشاعر لبيد بن ربيعة:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل ** وكل نعيم لا محالة زائل
وقال عنه أيضا الرسول العظيم محمد صلى الله عليه وسلم: أصدق كلمة قالها لبيد: "ألا كل شيء ما خلا الله باطل"..
إذا اتفقنا على أن هذا الكون محكم البناء والتدبير، وله خالق عظيم وإله جليل، فهل يعقل أن يوجد شي دون موجد !!! ..
فهذه دلائل على وجود الخالق .. وأثرك دليل على وجودك ..
فهل من الممكن أن نرى موضوع جديد دون أن يكون له كاتب ؟؟!!!..
من هذا المنطلق سننطلق ..
لنحكم على ما كل ما نخلفه وراءنا من آثار تدل على وجودنا .. فأثر الوجود يختلف من شخص إلى آخر ..
حاتم الطائي ..خلف بعده أثر الكرم دليلا عليه .. وزهير ابن أبي سلمى كان أثره الحكمة .. وغيرهم الكثير ..
حكمتنا لهذه المرة .. ستجعلنا نفكر كثيرا بكل ما نكتب من خير وشر ..
تجعلنا نحاول قدر المستطاع تحديد نوع الأثر الذي نود أن نتركه من ورائنا .. فمن خلف ورائه خيرا .. وأتبعه القوم .. فله أجره وأجر من تبعه .. ولو خلف شرا .. فما الشر ببالٍ إلا أهله .. وله وزره ووزر من تبعه ..
فلنجمع أقلامنا .. ولنحيي سنن اندثرت .. ولنرسم بأقلامنا أروع آثار ستبقى من بعدنا عند مغادرتنا لهذا المكان ..
أو لهذه الدنيـا على أبعد حال ..
لكن ..
من الذي سيحكم على هذه الآثار التي نخلفها من ورائنا ؟؟؟
بكل تأكيد هم المارين من بعدنا .. حيث تتراءى لهم آثارنا من بعيد .. ثم تتجلى لهم واضح عند الاقتراب منها .. عندها يستطيعون تميزها .. ونسبها لصاحبه ..
لكن .. هل الكل يستطيع الحكم على الآثار والتمييز بينها ؟؟؟
بالطبع لا..
فليس كل من رأى أثراً استطاع نسبه لصاحبه ..
فمنهم من يرى أثر البعير وينسبه لل**** تعسفا .. أو جهلا منه وتسرعا ..
فحكمه كان عشوائيا تخبط به .. وأقتصر هذا الحكم عليه فقط دون مشورة .. مثل هذا لا يُسود على قومه .. إلا بعد تعلمه .. فمع الوقت والممارسة سيتعلم كيفية الحكم على الآثار ..
لكن الطامة .. عندما يُسَود مثل هذا الجاهل على قومه ..
فعدم معرفته بالآثار .. تورثه جهل في معرفة وجهة المسير التي تتوجب عليه وعلى قومه السير فيها .. فلا يستطيع أن يحدد لهم جادة آمنة .. بعيدا عن قطاع الطرق والمفسدين .. عندها سيجر هذا الجاهل على نفسه وقومه الويلات و سيوردهم موارد الهلاك ..
لذلك يجب علينا أن ننتبه عند تأمير أحدنا .. أن يكون عالم بالآثار .. حتى يأمن ونأمن ..
نصيحة محب .. ..
نجد الكثير من الأشخاص يحاول التخفي دائما عن أعين الناس دون وجود سبب مقنع لذلك .. لا نعلم لماذا .. لعله خوف أو جهل عنهم .. أو غيره ..
لكن ما نعلمه هو شي واحد .. عندما تترك من خلفك أثر عطرا .. لا تخف إذا رآك الآخرين وأنت تتركه .. لأنه لك لا عليك .. فلما الخوف ..
لكن عندما تترك أثر سيئا .. فلا تغفل أن الله يراك .. حينما لا نراك .. فأتق الله بكل ما تخلف ورائك ..
أثرك دليل وجودك .. فحافظ على إظهاره بأفضل صورة ..