يستمد مجتمع المعرفة قوته وحيويته من الثورة العلمية والتكنولوجية، وما أحدثته من تطور هائل في مختلف مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية من الرابطة الجزائرية للفكر والثقافة في 11 نوفمبر، 2011 في 01:38 مساءًوالثقافية.
اكتسحت منجزات تلك الثورة المتواصلة كل أنحاء العالم، وفتحت للإنسان آفاقا بلا حدود، وأسست لزمن حضاري جديد المشارك فيه فاعل وموجود، والغائب عنه مهمش ومفقود.
نعرف أن تلك الثورة وفتوحاتها الباهرة لم تحدث بالصدفة وفي التّو، فقد كانت نتيجة تراكم الخبرة والمعرفة في متصل تاريخي حضاري تنقّل شرقا وغربا، وتعاقبت أزمنته وأماكنه، فالتقدّم الحضاري لا يقتصر على عرق أوحد أو منطقة جغرافية دون غيرها، وليس أيضا من احتكار عقيدة دينيّة تقصى ما سواها، فالعقل أعدل قسمة وزعت بين الناس.
تخلصت بلادنا بتضحيات كبيرة من ظلم وظلام الإحتلال، ومضى ما يقترب من نصف قرن بعد تحرير الوطن، وودعنا القرن العشرين بحدوده القصـــوى في الخير والشــر، على حد تعبير إ. هوبزباون فيلسوف التاريخ البريطاني المُعاصر، في دراسته بعنوان عصر النهايات القصوى (The age of extrems)، وبقي في ربوعنا عدو لا يقل خطرا وتهديدا لحاضرنا ومستقبلنا، إنه التخلف في العقليات والهياكل وما يفرضه علينا من عجز وتبعية وأخطاء في التدبير والتسيير.
كيف تتدارك الجزائر ما فات وتعدّ العدّة لما هو آت في هذا القرن الجديد، ونحن ننهي عقده الأول؟
ما هي أفضل السبل لتذليل العوائق التي تحول دون تأسيس مجتمع المعرفة ونشرها واستثمارها لصالح الدولة والمجتمع؟ هل تؤدي أنظمة التعليم والتكوين والبحث وظائفها في إعداد رأس المال البشري صانع الثروة ورهاننا الحقيقي على المستقبل؟ ما هي حصيلتنا من النخبة صانعة ذلك المستقبل (Think Tanks)؟
هل هناك لدينا استراتيجية طويلة المدى لنقل العلوم والتكنولوجيات الحديثة وتمثلها، تمهيدا لتوطينها والمشاركة في إنتاجها على المديين المتوسط والبعيد؟
كيف تستفيد الجزائر من عولمة واثقة من نفسها وهجومية، وتساهم في تدفقها دون أن تفقد مميزاتها الروحية وخصائصها الحضارية؟
هل هيّأْنا بيئتنا المحلية في الريف والمدينة للحد من هجرة الكفاءات إلى خارج الأوطان وتمثُّل مستجدات المعرفة المنقولة لإحداث تغيير في العقليات والسلوكات لكي نتصالح مع ذاتنا الحضارية، ونستفيد من تجاربنا التاريخية وننخرط في عصرنا، فلا يكون تطوير المعرفة وتطبيقاتها من الكماليات والتّرف الفكري لنخب منفصلة عن واقع شعوبها، وكأن التخلف قدر بلادنا المحتوم.؟
[b]