مقدمة في آداب الدعاء
قال النووي في الأذكار: إن المذهب المختار الذي عليه الفقهاء والمحدثون وجماهير العلماء من الطوائف كلها من السلف والخلف أن الدعاء مستحب قال تعالى:﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾.
1-فمن آدابه وآكدها تجنب الحرام مأكلاً وملبساً ومشرباً، ووجه ذلك أن ملابسة المعصية مقتضية لعدم الإجابة، إلا إذا تفضل الله على عبده وهو ذو الفضل العظيم.
2- ومنها الإخلاص لله، وهذا الأدب هو أعظم الآداب في إجابة الدعاء، لأن الإخلاص هو الذي تدور عليه دوائر الإجابة، وقال عز وجل:﴿مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾، فمتى دعا ربه غير مخلص فهو حقيق بأن لا يُجاب، إلا أن يتفضل الله عليه، فهو ذو الفضل العظيم.
3- ومنها الوضوء.
4- ومنها استقبال القبلة، ووجه ذلك أنها الجهة التي يتوجه إليها العابدون لله عز وجل، والعابدات له والمتقربات والمتقربون إليه.
5- ومنها الثناء على الله عز وجل.
6- ومنها الصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم.
7- ومنها بسط اليدين ورفعهما حذو المنكبين.
8- ومنها التأدب والخشوع والمسكنة والخضوع، وهذا المقام أحق المقامات بهذه الأوصاف، لأن المدعو هو رب العالم وخالق الخلق ورازق الكل، وفي ذلك تسبب للإجابة، لأن العبد إذا خشع وخضع رحمه الله وتفضل عليه بالإجابة، ومن ذلك قول الله عز وجل:﴿ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا﴾.
9- ومنها أن يسأل الله بأسمائه العظام الحسنى، وبالأدعية المأثورة، ويدل على ذلك قوله تعالى:﴿وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾.
10- ومنها الاعتراف بالذنوب.
11- ومنها أن يسأل بعزم ورغبة وجد واجتهاد.
12- ومنها إحضار القلب وتحسين الرجاء.
13- ومنها تكرير الدعاء والإلحاح فيه.
14- ومنها أن لا يستعجل فيقول: قد دعوت فلم يُستجب لي، ووجهه ما في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي».
15- ومنها أن يترصد الأوقات الشريفة.
16- ومنها أن يغتنم الأحوال الشريفة، كحالة السجود ونزول الغيث.
17- ومنها أن يدعو بلسان الذلة والافتقار، لا بلسان الفصاحة والانطلاق.
فصل في أوقات الإجابة أحوالها
منها ليلة القدر، ومنها يوم عرفة، ومنها شهر رمضان، ومنها ليلة الجمعة، ومنها يوم الجمعة وساعة الجمعة، ومنها جوف الليل يدل عليه ما أخرجه الترمذي وحسنه من حديث أبي أمامة قال: قيل يا رسول الله: أي الدعاء أسمع؟ قال: جوف الليل ودبر الصلوات.
والدبر يشمل الدعاء بعد التشهد الأخير في نفس الصلاة، وبعد التحلل منها بالسلام، ومنها عند النداء بالصلاة، لما أخرج مالك في الموطأ وأبو داود من حديث سهيل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«اثنتان لا تردان: الدعاء عند النداء، وعند البأس حين يلتحم بعضهم بعضاً»، وبين الأذان والإقامة، ودبر الصلوات المكتوبات، وفي السجود