كان الرسول عليه الصلاة والسلام أكرم من خلق الله،وأجود البرية نفسا و يدا،فكفه غمامة بالخير، ويده غيث الجود، بل هو أسرع بالخير من الريح المرسلة، لا يعرف " لا " إلا في التشهد :
فما قال "لا" قط إلا في تشهدّه ** لولا التـشهد كانت لاؤه نعم
يعطي عليه الصلاة والسلام عطاء من لا يخشى الفقر؛ لأنه بعث بمكارم الأخلاق،فهو سيد الأجواد على الإطلاق ،أعطى غنما بين جبلين، وأعطى كل رئيس قبيلة من العرب مائة ناقة،وسأله سا ئل ثوبه الذي يلبسه فخلعه وأعطاه، وكان لا يردّ طالب حاجة،قد وسع الناس برّه،طعامه مبذول وكفه مدرار،وصدره واسع،وخلقه سهل،ووجه بسّام،ينفق مع العدم و يعطي مع الفقر،يجمع الغنائم ثم يوزعها في ساعة،ولا يأخذ منها شيئا،مائدته عليه السلام معروضة لكل قادم،وبيته قبلة لكل وافد يضيف وينفق ويعطي الجائع بأكله ، ويؤثرالمحتاج بذات يده،ويصل القريب بما يملك، ويواسي المحتاج بما عنده،ويقـدّم الغريب على نفسه،فكان عليه السلام آية في الجود والكرم ،حتى لا يقارن به أجواد العرب كحاتم وهرم ابن جدعان؛ لأنه يعطي عطاء من لا يطلب الخلف إلا من الله، ويجود جود من ها نت عليه نفسه وماله وكل ما يملك في سبيل ربه ومولاه فهو أندى العالمين كـفا، وأسخاهم يدا، وأكرمهم محتدا ، قد غمر أصحابه و أحبابه وأتباعه، بل حتى أعداءه ببرّه وإحسانه وجوده وكرمه وتفضله،أكل اليهود على مائدته، وجلس الأعراب على طعامه،وحفّ المنافقون بسفرته،ولم يُحفظ عنه عليه السلام أنه تبرّم بضيف أوتضجّر من سا ئل أو تضايق من طالب،بل جرّ أعرا بي برده حتى أثّرفي عنقه وقال له:أعطني من مال الله الذي عندك،لا من مال أبيك وأمّك،فالتفت إليه عليه السلام وضحك وأعطاه، وجاءته الكنوز من الذهب والفضة وأنفقها في مجلس واحد و لم يدّخر منها درهما ولا دينارا و لا قطعة، فـكان أسعد بالعطية يعطيها من السائل، وكان يأمر بالإنفاق والكرم والبذل ، و يدعو للجود وا لسخاء، ويـذمّ البخل والإمســاك، فـيقول " من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليكرم ضيفه" وقال:" ما نقــصت صــدقة من مال".
هكذا كان رسولنا صلى الله عليه وسلم، لا كما يصوره الحاقدون الضا لون.