تتحول قمة فورايا الشاهقة، خلال الصيف، إلى قبلة مفضلة لآلاف المواطنين والأجانب الذين يقصدونها بكثافة للاسترخاء فيها على الرغم من مشقة المسالك المؤدية إلى حظيرتها الطبيعية التي تسبق موقع ضريح المرأة الأسطورة حارسة المدينة.
يقول سائح: ''من المستحيل على الزائر لبجاية مغادرتها دون زيارة ضريح يما فورايا الواقع على علو 663 متر حيث تبدو القمة للناظر إليها من وسط المدينة، على شكل صورة لامرأة عملاقة حامل نائمة، مما جعل السكان المحليين يرددون لكل من يسألهم إن فورايا تحمل كل هموم أبنائها.
ورغم صعوبة الطريق الموصل إليها مع مرور الدقائق، تتحول الزيارة إلى مغامرة ورياضة إجبارية لكنها ممتعة، بفضل مسلكها الغابي المؤدي من أعالي المدينة إلى الحظيرة الكبرى، وهو درب يقطعه الكثير من الزوار بسياراتهم قبل أن تتوقف بفعل وعورة الطريق، ليضطروا إلى المشي على الأقدام لمدة ساعة من أجل بلوغ ضريح فورايا.
وفي القمة تبدأ مغامرة أخرى، إذ يتجه الرجال إلى ''البئر المباركة''، للتجوال بين جدرانها واستنشاق نسيم البحر. أما النسوة فيتجهن إلى ''الغرفة السحرية'' المزروعة أرضيتها بالشموع المضيئة وفيها يطلقن العنان للأدعية والابتهالات والإفصاح عن الأمنيات.. فهذه تستغيث يما فورايا من أجل مساعدتها على فك عقدة العزوبية وأخرى بعودة زوجها إلى الطريق المستقيم وغيرهن يتوسلن بحماية من هم في ديار الغربة من الأبناء والأزواج الباحثين عن الرزق.
ولا تقتصر هذه الظاهرة على الجزائريات فقط، بل سبق وأن نزلت نائب رئيسة بنك الاستيراد والتصدير الأمريكي ''اكزيم بنك'' مرفوقة بإطارات من شركة سوناطراك، ضيفة على يمّا فورايا، أين توسلت لتعيد إليها زوجها سالما.. وقبلها زارت الوزيرة الفرنسية السابقة ''سيمون فاي'' وتوسلت إلى يما قورايا من أجل أن تعيد الأمن والاستقرار والطمأنينة إلى نفوس الجزائريين.
وبعيدا عن قصص التاريخ والأساطير، تمكن أحد الباحثين الجزائريين من اكتشاف حقيقة يما فورايا لما نبش في أرشيف وزارة الدفاع الفرنسية، حيث عثر على مخطوطات نادرة وصور مرسومة باليد لأحد الفنانين. وأظهرت الرسومات وجود بناية تعلوها قبة قام المحتلون الفرنسيون بتدميرها بعد احتلاهم مدينة بجاية سنة .1833 وقاموا بتحويلها إلى حصن عسكري. ويضيف نفس الباحث أن فورايا امرأة حقيقية عاصرت فترة دخول الإسبان إلى بجاية وحاربتهم رفقة الأخوين العثمانيين عروج وخير الدين باربروس بعد تأكدها من أنهم من المسلمين.