الاعجاز العلمى
قال تعالى: {الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الروم: 1-5]
الحقيقة العلمية:
تذكر المراجع التاريخية وقوع معركة بين مملكتي فارس وبين الامبراطورية البيزنطية- وهي الجزء الشرقي من الإمبراطورية الرومانية في منطقة أذرعات وبصرى قرب البحر الميت حيث انتصر فيها الفرس انتصاراً ساحقاً على الرومان، وكان ذلك سنة 619م، وقد خسر الروم البيزنطيون في هذه المعركة خسائر فادحة وتوقع جميع المعاصرين لهم دماراً كاملاً لامبراطوريتهم.
لكن حدث ما لم يكن متوقعاً ففي شهر ديسمبر من عام 627م وقعت معركة حاسمة بين البيزنطيين الفرس بمنطقة ناي نيفا Nineveh.
هزم فيها الروم الفرس، وبعد أشهر قليلة لجأ الفرس إلى ابرام اتفاقية مع بيزنطة تجبرهم على إعادة المناطق التي أخذوها منها.
توضع المصورات الجغرافية مستوى المنخفضات الأرضية في العالم أن أخفض منطقة على سطح الأرض هي تلك المنطقة التي يقرب البحر الميت في فلسطين حيث تنخفض عن سطح البحر بعمق (395) متراً وقد أكدت ذلك صور وقياسات الأقمار الصناعية.
وجه الإعجاز
هناك وجهان للإعجاز في هذه الآية الكريمة...
الوجه الأول: إخبار القرآن الكريم بانتصار الروم على الفرس بعد هزيمتهم الساحقة، بعد بضع سنوات، والبضع هو رقم بين الخمسة أو بين الواحد والتسعة كما يقول علماء اللغة العربية، وقد تحقق ما وعد به القرآن الكريم بعد سبع سنوات حيث وقعت معركة أخرى بين الفرس والروم سنة 627م وانتصر فيها الروم وتزامن ذلك بانتصار المسلمين على مشركي قريش في غزوة بدر الكبرى، وهذا النصر بدا مستحيلاً في أعين العرب المشركين إلى درجة دفعت بهم إلى السخرية من هذه الآيات القرآنية وغامروا بدفع رهان للمسلمين إن تحقق ذلك النصر المزعوم، وخاب ظنهم وتحققت معجزة القرآن الكريم عندما أخبر الناس مسبقاً بانتصار الرومانيين.
الوجه الثاني: أنها قررت حقيقة جغفرافية لم تكن معروفة عند أحد في ذلك الوقت، حيث أخبرت أن الروم خسروا المعركة مع الفرس في أدنى منطقة من الأرض، وكلمة أدنى عند العرب تأتي بمعنيين أقرب وأخفض، فهي من جهة أقرب منطقة لشبه الجزيرة العربية، ومن جهة أقرب منطقة لشبه الجزيرة العربية، ومن جهة أخرى هي أخفض منطقة على سطح الأرض، إذ أنها تنخفض عن مستوى البحر ب1312 قدم (حوالي 400 متر) وهي أخفض نقطة سجلتها الأقمار الاصطناعية على اليابسة، كما ذكرت ذلك الموسوعة البريطانية، والحقيقة التاريخية تشهد أن المعركة وقعت في أكثر المناطق انخفاضاً في العالم، أليس هذا دليلاً على أن القرار هو وحي من عند الله، قال تعالى:
{قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً} [الفرقان: 6]
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً} [النساء: 56]
الحقيقة العلمية
كان الاعتقاد السائد قبل عصر الكشوف العلمية أن الجسم كله حساس للآللام...
ولم يكن واضحاً لأحد أن هناك نهايات عصبية متخصصة في الجلد لنقل الأحاسيس والألم، حتى كُشف دور النهايات العصبية في الجلد وأنه العضو الأهم لاحتوائه على العدد الأكبر منها.
كما أثبت علماء التشريح أن المصاب باحتراق الجلد كاملاً لا يشعر بالألم كثيراً نتيجة تلف النهايات العصبية الناقلة للألم بخلاف الحروق الأقل درجة (الدرجة الثانية) حيث يكون الألم أشده نتيجة لإثارة النهايات العصبية المكشوفة، كما أثبت التشريح أيضاً الأمعاء الدقيقة خالية من الداخل من المستقبلات الحسية بينما توجد بكثافة عالية في منطقة المساربقا التي تقع بين بالصفاق الجداري والطبقة الخارجية للأمعاء المغلقة بالصفاق الحشوي ويوجد في هذه المنطقة عدد كبير من جسيمات (باسيني) ويبلغ حجم الصفاق الجداري 20400سم مكعب ويساوي نفس حجم الجلد الخارجي للجسم، كما أن متلقيات الألم (RECEPTORS) والوحدات الحسية الأخرى الموجودة في الأحشاء تشبه تلك الموجودة في الجلد.
وجه الإعجاز
أولاً: بين الله سبحانه وتعالى أن الجلد هو محل العذاب..
فربط جل وعلا بين الجلد والإحساس الألم في الآية وأنه حينما ينضج الجلد ويحترق ويفقد تركيبه ووظيفته يتلاشى الإحساس بألم العذاب فيستبدل بجلد جديد مكتمل التركيب تام الوظيفة، تقوم فيه النهايات العصبية المتخصصة بالإحساس بالحرارة وبآلام الحريق بأداء دورها ومهمتها لتجعل هذا الإنسان الكافر بآيات الله تعالى يذوق عذاب الاحتراق بالنار.
ولقد كشف العلم الحديث أن النهايات العصبية المتخصصة للإحساس بالحرارة وآلام الحريق لا توجد بكثافة إلا في الجلد وما كان بوسع أحد من البشر قبل اختراع المجهر وتقدم علم التشريح الدقيق أن يعرف هذه الحقيقة التي أشار إليها القرآن الكريم منذ أربعة عشر قرناً...
ثانياً: هدد القرآن الكريم الكفار بالعذاب بماء حميم يقطع أمعاءهم في الآية الثانية.
واتضح السر في هذا التهديد أخيراً باكتشاف أن الأمعاء لا تتأثر بالحرارة ولكنها إذا قطعت خرج منها الماء الحميم إلى منطقة المساربقا الغنية بمستقبلات الحرارة والألم والنهايات العصبية الناقلة لهما إلى المخ فيشعر الإنسان عندئذ بأعلى دجات الألم.
وهكذا يتجلى الإعجاز العلمي في الإحساس بالألم بالتوافق بين حقائق الطب ومعجزات القرآن الكريم.
{هَـذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ} [إبراهيم: 52]
قال تعالى: {وَالسَّمَاء ذَاتِ الرَّجْعِ} [الطارق: 11]
الحقيقة العلمية
كشف لنا علم الأرصاد الحديث
عن بعض أسرار وحقائق الغلاف الجوي (سماء الأرض) وما يقدمه من منافع وحماية للأرض ونذكر منها:
يقوم الغلاف الجوي بإرجاع الماء المتبخر بهيئة أمطار.
يرجع الغلاف الجوي للأرض كثير من النيازك ويردها للفضاء الخارجي.
يرد الغلاف الجوي الإشعاعات القاتلة للأحياء ويدفعها بعيداً عن الأرض.
يعكس الغلاف الجوي موجات الراديو القصيرة والمتوسطة إلى الأرض ولذا يمكن اعتبار الجو أشبه بمرآة عاكسة للأشعة والموجات الكهرومغناطيسية فهو يعكس ما يبث إليه من الأمواج اللاسلكية والتلفزيونية التي ترتد إذا أرسلت إليها بعد انعكاسها على الطبقات العليا الأيونية (الأيونوسفير) وهذا هو أساس عمل أجهزة البث الإذاعي والتلفزيوني عبر أرجاء الكرة الأرضية.
الغلاف الجوي أشبه بمرآة عاكسة للحرارة فيعمل كدرع واقية من حرارة الشمس أثناء النهار كما يعمل كغطاء بالليل يمسك بحرارة الأرض من التشتت ولو اختل هذا التوازن لاستحالت الحياة عن الأرض إما من شدة الحرارة نهاراً أو شدة البرودة ليلاً.
وجه الإعجاز
تشير الآية القرآنية الكريمة {وَالسَّمَاء ذَاتِ الرَّجْعِ} [الطارق: 11]
إلى أن أهم سفة للسماء المحيطة بالأرض هي أنها ذات رجع...
وقد فهم القدامى أنها تشير إلى المطر فحسب، وجاء العلم الحديث ليعمق معنى الإرجاع في وصف الجو ليشمل مظاهر عديدة لم يكن يعلمها بشر من قبل، وكلمة الرجع تأتي بمعنى الإرجاع أو الإعادة إلى ما كان منه البدء، فمعناها رد الشيء وإرجاعه في اتجاه مصدره مثل صدى الصوت، والسماء هنا تعني جو الأرض والتعبير يفيد وجود غلاف يحيط بها يرد إليها كل نافع ويرد عنها كل ضار فتبين أن لفظة الرجع لها من الدلالات ما يفوق مجرد نزول المطر وأنه بغير تلك الصفة للجو ما استقامت على الأرض حياة، وبهذا أجمل القرآن الكريم بلفظة واحدة كل ما كشفه العلم الحديث من خصائص الجو.
فتبارك الله القائل: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [النمل: 93]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بهذه الحبة السوداء فإن فيها شفاء من كل داء إلا السام» ثبت من حديث أم سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه، والسام: الموت.
الحقيقة العلمية
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من داء إلا في الحبة السوداء منه شفاء إلا السام»
استعملت الحبة السوداء في كثيرة من دول الشرقين الأوسط والأقصى علاجاً طبيعياً منذ أكثر من ألفي عام وتم استخلاص مركب النيجللون من زيت الحبة السوداء عام 1959م على يد الدخناني وتحتوي بذور الحبة السوداء على 40% من وزنها زيتاً ثابتاً و 104% زيوتاً طيارة، وتحتوي على خمسة عشر حمضاً أمينياً، وبروتين وكالسيوم وحديد وصوديوم وبوتاسيوم وأهم مركباتها الفعالة هي الثيموكينون والثيمول.
لم يتضح دور الحبة السوداء في المناعة الطبيعية حتى عام 1986م إلا بالأبحاث التي أجراها الدكتور القاضي أن للحبة السوداء أثراً مقوياً لوظائف المناعة حيث ازدادت نسبة الخلايا اللمفاوية التائبة المساعدة إلى الخلايا التائبة الكابحة إلى 72% في المتوسط، وحدث تحسن في نشاط خلايا القاتل الطبيعي بنسبة 74% في المتوسط، وقد جاءت نتائج بعض الدراسات الحديثة مؤكدة لنتائج أبحاث القاضي منها:
ما نشرته مجلة المناعة الدوائية في في عدد أغسطس 1995م عن تأثير الحبة السوداء على الخلايا اللمفاوية الإنسانية في الخارج على عدة مطفرات وعلى عدد نشاط البلعمة لخلايا الدم البيضاء متعددة النواة وما نشرته مجلة المناعة الدوائية في عدد سبتمبر 2000م (10) بحثاً عن التأثير الوقائي لزيت الحبة السوداء ضد الإصابة بالفيروس المضخم للخلايا Cytomegalovirus في الفئران، حيث اختبر زيت الحبة السوداء كمضاد للفيروسات وقيست المناعة المكتسبة أثناء الفترة المبكرة من الإصابة بالفيروس وذلك بتحديد خلايا القاتل الطبيعي والخلايا البلعمية الكبيرة وعملية البلعمة، وغير ذلك من أبحاث هذا المجال.
وجه الإعجاز
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن في الحبة السوداء شفاء من كل داء، ووردت كلمة شفاء في صبغ الأحاديث كلها غير معرفة بالألف واللام، وجاءت في سياق الإثبات فهي لذلك نكرة لا تعم في الغالب وبالتالي يمكن أن نقول أن في الحبة السوداء نسبة من الشفاء في كل داء، وقد ثبت أن جهاز المناعة هو النظام الوحيد والفريد الذي يمتلك السلاح المتخصص للقضاء على كل داء، بما يحويه من نظام المناعة النوعية أو المكتسبة التي تمتلك إنشاء الأجسام المضادة المتخصصة لكل كائن مسبب للمرض، وتكوين سلاح الخلايا القاتلة المتخصصة.
هذا وقد ثبت من خلال الأبحاث التطبيقية أن الحبة السوداء تنشط المناعة النوعية، فقد رفعت نسبة الخلايا المساعدة والخلايا الكابحة وخلايا القاتل الطبيعي وكلها خلايا ليمفاوية في غابة التخصص، والدقة، لما يقرب من 75% في بحث القاضي، وأكدت الأبحاث المنشورة في الدوريات العلمية هذه الحقيقة، حيث تحسنت الخلايا الليمفاوية المساعدة وخلايا البلعمة، وازداد مركب الانتروفيرون والانترلوكين 1و 2 وتحسنت المناعة الخلوية وانعكس ذلك التحسين في جهاز المناعة على التأثير المدمر لمستخلص الحبة السوداء على الخلايا السرطانية وبعض الفيروسات وتحسن أثار الإصابة بديدان البلهاريسيا وعليه يمكن أن نقرر أن في الحبة السوداء شفاء من كل داء لأنها تصلح وتقوي جهاز المناعة وهو الجهاز الذي فيه شفاء من كل داء، ويتعامل مع كل مسببات الأمراض، ويملك تقديم الشفاء الكامل أو بعضه لكل الأمراض.
وهكذا تجلت الحقيقة العلمية في هذه الأحاديث الشريفة والتي ما كان لأحد من البشر أن يدركها فضلاً عن أن يقولها ويحدث الناس بها منذ أربعة عشر قرناً إلا نبي مرسل من الله.
وصدق الله القائل: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3-4]
{تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُّنِيراً} [الفرقان: 61]
الحقيقة العلمية
طاقة الشمس (المفاعل النووي الكوني) تنتج نتيجة لاحتراق الهيدروجين وهو المكون الأساسي لا وتحوله هيليوم في باطنها،،،
حيث الكثافة والضغط العالي والحرارة التي تصل إلى 15 مليون درجة، حيث يؤدي هذا إلى حدوث تفاعل نووي واندماج أربع ذرات هيدروجين لإعطاء ذرة هيليوم واحدة ويكون فرق الكتلة ما بين المواد الداخلة في التفاعل والناتجة من التفاعل يشع على هيئة طاقة كهرومغناطيسية تشع من سطح الشمس أشعة قصيرة الموجة تصاحبها أشعة مرئية وتحت الحمراء وأشعة فوق بنفسجية وهذا يعني أن المشس تستمد طاقتها من باطنها عبر اندماج نووي طبيعي تحت ظروف عالية الضغط والكثافة والحرارة وكأنها مفاعل نووي عملاق مسخر ليستمد ليمد الأرض بالنور والدفء والطاقة، وتعتبر الشمس نجماً وهي جسم سماوي متلألئ يشع الطاقة ذاتياً بينما القمر كوكب وهو جسم سماوي ثابت الإضاءة يعكس الأشعة التي يتلقاها من النجوم والشموس وينطبق هذا على التوابع الطبيعية للكواكب (الأقمار).
أشارت نصوص القرآن الكريم منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام إلى التفريق بين النجم والكوكب ممثلاً في الشمس والقمر،،،
وهو ما توصل إليه علماء الفلك الحديث بعد اكتشاف المناظير وإجراء الدراسات الفوتومترية (الضوئية) والطيفية على النجوم والكواكب خلال القرون القليلة الماضية، فالنجم ما هو إلا جسم سماوي متلألئ يشع الطاقة ذاتياً بينما الكوكب جسم سماوي ثابت الإضاءة يعكس الأشعة التي يتلقاها من النجوم والشموس وينطبق هذا على التوابع الطبيعية للكواكب (الأقمار) فالشمس تعد مفاعلاً نووياً عملاقاً يسبح في الفضاء بسرعة كبيرة ضوء وطاقة وحرارة ذات أشكال شتى ومتغيرة في كمها وكيفها، وهي ليست قرصاً مضيئاً ثابت الضياء، بل هو سراج وهّاج (وجعلنا سراجاً وهاجاً) سورة عم (13)، وأن القمر كوكب يعكس ضوء الشمس فيفضي ليل الأرض نوراً، هو ما سبق القرآن الكريم في تقريره في هاتين الآيتين الكريمتين، فمن أخبر محمد صلى الله عليه وسلم بهذه الحقائق؟ إنه الله جل في علاه..
{هَـذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ} [إبراهيم: 52]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إنه خُلق كلُّ إنسانٍ من بني آدم على ستين وثلاثمائة مفصلٍ » .
الحقيقة العلمية:
روى الإمام مسلم عن عبدالله بن فروخ، أنه سمع عائشة تقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنه خلق كل إنسان من بني آدم على ستين وثلاثمائة مفصل » فمن كبر الله، وحمد الله، وهلل الله، وسبح الله، وعزل حجراً عن طريق الناس، أو شوكة أو عظما من طريق الناس، وأمر بمعروف أو نهي عن منكر، عدد تلك الستين والثلاثمائة السلامى، فإنه يمشي يومئذ وقد زحزح نفسه عن النار.
وعن عبدالله بن بريدة قال سمعت أبي بريدة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: << في الإنسان ستون وثلاثمائة مفصل فعليه أن يتصدق عن كل مفصل منها صدقة >>، قالوا فمن الذي يطيق ذلك يا رسول الله؟، قال: « النخاعة في المسجد تدفنها أو الشيء تنحيه عن الطريق فإن لم تقدر فركعتا الضحى تجزيء عنك » [مسند الإمام أحمد].
وجه الإعجاز:
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن عدد المفاصل الموجودة في الجسم البشري ثلاثمائة وستون مفصلاً في زمن يستحيل فيه معرفة هذا العدد بهذه الدقة حيث أن معظم هذه المفاصل دقيقة وفي أماكن يصعب تحديدها بالملاحظة المجردة، ولم تحدد بدقة إلا بعد تقدم علم التشريح وعلم الأنسجة والمفصل هو: ملتقى العظميين في البدن، كما يقول علماء اللغة ويعبر عنه أيضاً بالسلامى وجمعه سلاميات، وهكذا حدد النبي صلى الله عليه وسلم عدد المفاصل منذ أربعة عشر قرناً وتطبق مع الواقع التشريحي لجسم الإنسان، وهكذا تتضح آية جديدة من آيات الوحي ما كان لبشر أن يحيط بها في زمن النبوة.
قال تعالى: { اَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } [تبارك:14].
قال تعالى: { مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ } [الرحمن: 19- 20].
الحقيقة العلمية:
لم يعرف أن البحار المالحة مختلفة في التركيب وليست بحراً متجانساً إلا عام 1873م عندما طافت رحلة تشالنجر في البحار ثلاثة أعوام، وفي عام 1942م فقط ظهرت لأول مرة نتيجة أبحاث طويلة جاءت نتيجة لإقامة مئات المحطات البحرية في البحار فوجدوا أن المحيط الأطلنطي مثلاُ لا يتكون من بحر واحد بل من بحار مختلفة وهو محيط واحد فتختلف كتلة المائية في درجات الحرارة و الكثافة والملوحة والأحياء المائية وقابلية ذوبان الأكسجين، هذا في المحيط الواحد، فضلاً عن بحرين مختلفين كالبحر الأبيض والبحر الأحمر، والبحر الأبيض والمحيط الأطلنطي، والبحر الأحمر وخليج عدن يلتقيان أيضاً في مضايق معينة، ففي 1942م عرف لأول مرة أن هناك بحاراً تلتقي فيها المياه لكن بعضها يختلف عن بعض في الخصائص والصفات، ومياه البحار ليست ساكنة وإنما في حركة دائمة تجعل كتل المياه تتداخل فيما بينها لكنها تظل محافظة على صفات كل منها في درجة الملوحة ودرجة الحرارة والكثافة، والمد والجزر والتيارات المائية والأمواج والأعاصير كلها عوامل تجعل مياه البحار في حركة دائمة ومع ذلك لا تمتزج الكتل البحرية المتباينة الخصائص وكأن هناك حاجزاً يفصل بين كل بحرين متجاورين في محيط أو في مضيق.
وجه الإعجاز:
تتحدث الآيات الكريمة عن بحرين مالحين متجاورين متداخلين ويحتفظ كل منهما بخصائصه، وكأن بينهما حاجزاً يمنعهما من الاختلاط، وذكر الؤلؤ والمرجان في الآيات دليل على أنهما بحرين مالحين، لأنهما لا يستخرجان إلا من البحار المالحة التي تبدو واحدة بنفس الخصائص لكنها في الحقيقة كثل متجاورة ذات خصائص متمايزة.
تبدو المحيطات والبحار المالحة المتجاورة بالعين المجردة كأنها كتلة مائية واحدة متحدة الصفات، لكنها في الحقيقة جملة كتل مختلفة الصفات في الملوحة والحرارة والكثافة، ولم يدرك ذلك إلا باستخدام التقنيات الحديثة ومع ذلك ذكر القرآن الكريم تلك الأوصاف، فدل على تمايز كل بحرين مالحين متجاورين لأنهما يتداخلان فيما بينهما دوماً ولا يمتزجان وكأن بينهما حاجزاً يمنع اختلاط مياههما، أليس هذا دليلاً واضحاً على القرآن كلام الله!
{ وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْانُ اَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [يونس:37].
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا » [رواه ابن ماجه].
الحقيقة العلمية:
كشف العلم الحديث على يد علماء الكائنات الدقيقة خلال القرنين الماضيين أن هناك مجموعة من البكتريا والفطريات والفيروسات لا تنتقل للإنسان إلا عن طريق ممارسة الجنس بطرق شاذة ...
كالعلاقات العديدة غير المحددة بين الرجال والنساء، والعلاقات الشاذة بين الرجال والرجال وبين النساء والنساء، وأنه إذا اتسعت دائرة هذه العلاقات فإن المجتمع مهدد بأمراض وبائية غير مسبوقة، لأن هذه الجراثيم تغير خواصها باستمرار مما يجعلها مستعصية العلاج، كما أن الجسم لا يستطيع مقاومتها لانعدام المناعة ضدها، ومن الممكن أن تظهر بصور وصفات جديدة في المستقبل، ومنذ سنوات قليلة مضت سميت هذه الأمراض بالأمراض التي تتنقل بواسطة الفواحش وتسمى اختصاراً (S.T.D).
وجه الإعجاز:
يكشف لنا الحديث النبوي عن سنة إجتماعية عامة يمكن أن تقع في أي مجتمع تتكون من مقدمة ونتائج...
فالمقدمة: شيوع العلاقات المحرمة كالزنا والعلاقات الشاذة وعدم تجريمها والرضا بها، ثم الترويج لها، وهو ما اصطلح عليه بالإباحية الجنسية.
والنتائج المترتبة على هذه الإباحية: شيوع الأمراض الجنسية وانتشارها بصورة وبائية مدمرة وظهورها بصور جديدة في الأجيال التالية.
هذا وقد تحققت هذه السنة الجارية في كثير من المجتمعات، فقد انتشرت فيهم العلاقات المحرمة والشاذة وارتضوها كسلوك اجتماعي بل وروّجوا لها بكل طرق الإعلانات ... فهل تحققت النتائج ..؟
نعم لقد ظهرت فيهم الأمراض الجنسية في صورة وبائية سببت لهم من الآلام والأوجاع الشيء الكثير، فقد شهد العالم موجات كاسحة من انتشار وباء الزهري، حطم حياة الملايين، كما يتصدر مرض السيلان قائمة الأمراض المعدية، فهو أكثر الأمراض الجنسية شيوعاً في العالم، ثم ظهر مؤخراً مرض الإيدز المرعب القاتل والذي يدمر فيروسه جهاز المناعة في الإنسان فتتدمر أعضاؤه واحداً بعد الآخر في سلسلة من الآلام والأوجاع التي لم يعرفها البشر من قبل وهكذا تحقق ما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم.
أليس هذا دليلاً إضافياً على أن محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله حقاً ؟؟
فتبارك الله القائل: { وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ ايَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } [النمل:93].
قال تعالى: { فَلَا اُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِي الْكُنَّسِ } [التكوير:16:15].
الحقيقة العلمية:
تمثل النقوب السوداء Black Holes مرحلة الشيخوخة في حياة نجوم عملاقة أكبر كتلة من الشمس بأكثر من خمس مرات، وتتميز الثقوب السوداء بكثافة كبيرة وجاذبية بالغة الشدة بحيث لا يفلت من أسرها شيء حتى الضوء نفسة البالغ السرعة (حوالي 300 ألف كم \ ثانية)، ومن كانت تسميتها التي تعكس وجود مناطق كالثقوب في صفحة السماء اختفى فيها كل شيء فبدت فجوات، وهذه النجوم العملاقة المختفية أو المتوارية تكنس في طريقها كل شيء يقاربها حتى النجوم ولذا سميت بالمكانس العملاقة Giant Vacuum Cleaners وقد دلت عليها الحسابات النظرية التي قام بها كارل شفارز تشايلد Child Karl Schwars عام 1916م وروبرت أوبنهاير Oppenheimer Robert عام 1934م ومنذ عام 1971م تزايد احتمال وجودها تأكيداً، ويعتقد العلماء بأن مركز مجرتنا ( درب التبانة ) على سبيل المثال عبارة عن ثقب أسود.
وجه الإعجاز:
نفي القسم في أسلوب القرآن الكريم تأكيد له وكأنه تعالى يقول: لا حاجة للقسم مع تلك الحجة البينة، وقد ورد القسم في معرض الاستدلال على أن القرآن وحي من عند الله، قال تعالى: { فَلَا اُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِي الْكُنَّسِ * وَاللَّيْلِ اِذَا عَسْعَسَ * وَالصُّبْحِ اِذَا تَنَفَّسَ * اِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ } [ التكوير: 15,16,17,18,19]
وتنعكس عظمة القسم وأهميته في الاستدلال على المقسوم به وهو هنا مذكور بصفات تلتقي تماماً مع صفات ما يسمى بالثقوب السوداء، فهي في الأصل نجوم تجري في مداراتها فيصدق عليها الوصف باللفظ (جوار)، وأما اللفظ (خنس) فيتطابق معها بكل معاينة في اللغة ومنها: التواري والاحتجاب والاختفاء، والتراجع والاندثار بعد ظهور وازدهار، وهي بالفعل نجوم عملاقة هوت في نهاية أعمارها وانكمشت مادتها واستترت ولا يظهر منها أية ضوء، والسبب شدة جاذبيتها التي تجعلها تكنس كل شيء يجاورها في طريقها وتبتلعه فتزداد كتلة وقوة: وهنا يتجلى وصفها بلفظ (الكنس) أو المكانس العظام، والمعرفة بتلك الأوصاف حديثة، لذا فإن ورودها في القرآن الكريم بألفاظ تدل عليها بدقة في معرض تأكيد الوحي به لدليل حاسم على أنه كلام الله الخالق، فتبارك الله القائل: { اِنْ هُوَ اِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ * وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَاَهُ بَعْدَ حِينٍ } [ص:87,88]