1 - المعطيات التاريخية:
إن التراث الأثري والثقافي يمثل أهمية علمية و تاريخية كبيرة من الناحية الجمالية، وكذا الثراء الفني الذي يعتمد على جمع الآثار الموروثة من أسلافنا، مرورا بمختلف الحضارات حتى الفترة الحالية ويمثل التوارث كنزا تاريخيا وحضاريا وفنيا.
وإن ولاية غرداية لمن يجهلها، ومن خلال المعطيات الجغرافية والمناخية، يمكن أن ينفي وجود الحياة بها بشكل قاطع، ولكن الدراسات الأثرية للمنطقة تؤكد عكس ذلك فالحياة دبت فيها منذ عصور ما قبل التاريخ .
1-1- فترة ما قبل التاريخ :
عرفت عدة مناطق من ولاية غرداية، حضارات تعود إلى عهد ما قبل التاريخ وبالتحديد إلى فترة العصر الحجري الحديث، وهذا من خلال الاستكشافات الأثرية التي ثم العثور عليها والمتمثلة في بعض الصناعات الحجرية وبعض المعالم الجنائزية في كل من : المنيعة و متليلي كما تم العثور على العديد من النقوش الصخرية على ضفاف سهل وادي ميزاب في كل من : أنتيسة وبابا السعد، و مرماد، وفيما يخص تاريخها فإن أغلبها يعود إلى حوالي 5000 سنة قبل الميلاد، وبالتحديد إلى فترة الليبيكوبربرية والباليونتولوجي الوسيط .[1]
كما أن الهضاب التي تشرف على مدينة المنيعة من الناحية الشمالية غنية بمخزونات مواد تعود إلى ما قبل التاريخ "سهام سواطير"، وبعض الكتابات تؤكد أن جماعات بدائية سكنت مغارات كانت موجودة بهذه المنطقة .
أولى الاكتشافات في هذا الشأن في منطقة وادي ميزاب، ترجع إلى حولي 50 سنة من قبل تحدد موقعها في نواحي مليكة وغرداية و القرارة [2]حيت تم العثور على أثار إنسان ما قبل التاريخ بالمنطقة من خلال ما عثر عليه الأستاذين : " بييرروفر pierre roffo ثم abonneau-goel" حيث أحصى الأستاذ " بيير" إحدى عشر (11) محطة[3] في محاضرة ألقاها في الدورة الحادية عشر(11) لمؤتمر ما قبل التاريخ بفرنسا سنة 1934 م وصف خلالها ما جمع من أدوات أضف إلى ذلك غنى المنطقة بالنقوش الصخرية[4] ، التي تراوحت مواضيعها بين الرسومات الحيوانية والهندسية، ورسوم لبعض أعضاء الجسم البشري، مثل : اليد والرجل، وبعض الصخور نقشت عليها رموز وحروف وأعداد أمازيغية .
ولم تعرف المنطقة كغيرها من مناطق الصحراء أي نوع من أنواع التواجد الروماني، حيث بقي على حدود واد الجدي بالصحراء، ولا التواجد الوندالي، أو البيزنطي، فيما كانت منطقة عبور لقوافل القبائل الزناتية.[5]
1-2- الفترة الإسلامية: "العصر الحديث"
1-2-2- فترة المعتزلة: من القرن 8م إلى القرن 10م
عند انتهاء الفتح الإسلامي لشمال إفريقيا عام 84هـ - 703هـ، اعتنق البربر ديانة الإسلام وساهموا في نشره، ولما ظهرت المذاهب الفقهية كان البربر وهم السكان الأصليون لوادي ميزاب على مذهب المعتزلة، وقد كانوا يسمون بالواصلية نسبة إلى مؤسس المذهب واصل بن عطاء، وأسسوا بعض القرى عرفت بالتجمعات السكنية حيث بلغت أكثر من 20 عشرين مجمع سكني اندثر معظمها، ومن أهم هذه القرى المندثرة التي احتفظت ببعض إطلالها .
- قرية تلزضيت - قرية الصوف - قرب سد مدينة العطف .
- قرية أولال بواحة العطف .
- قرية تمزارت بنواحي وادي ازويل ببنورة .
- قرية اتنوخاي بجوار السد الكبير لبني يزقن .
- قرية ثلاث موسى بواحة بني يزقن
- قرية بوهراوة[6] .
1-3- من القرن 10م إلى القرن 16م : فترة تبني المذهب الإباضي .
تتميز هذه الفترة باعتناق السكان الأصليين للمذهب الإباضي الذي يعود إلى العلامة عبد الله ابن إباض، حيث استطاع الاباضيون أن يضعوا اللبنات الأولى لإرساء حياة حظا رية جديدة، فأنشئوا 5 قرى عبر كامل سهل وادي ميزاب، وذلك خلال 3 قرون ونصف من القرن 11م على القرن 14م، بالرغم من قساوة الطبيعة وقلة الإمكانيات، وهذه القصور لا تزال قائمة إلى اليوم، وهي على التوالي.
- تاجنينت " العطف" 1011م – آت بونورة 457ه / 1065م .
- تاغردايت " غرداية "477ه / 1085م .
- آت يسجن "بني يزقن" 1321م.
- أتم ليشت "ملكية " 756ه / 1355م.
- وخارج إقليم وادي ميزاب تم تأسيس قصر المنيعة في القرن 10م، وقصر متليلي خلال القرن 14م .
1-4- الفترة العثمانية: من مطلع القرن 10ه / 16م إلى فرض الحماية 1853م.
- وخلال المنتصف الأول من القرن 17م تم إنشاء قصر القرارة في 1630م، وفي النصف الأخير تم تأسيس قصر بريان في 1690م، إثر تنقل جماعات من سكان ميزاب خارج الوادي.[7]
وتعتبر الفترة العثمانية في غرداية عموما وفي ميزاب خصوصا فترة هامة في تاريخ وعمران المنطقة، وهي الفترة الأقل غموضا لوفرت المادة التاريخية نسبيا، مقارنة مع الفترات السابقة، ولعل من أقدم النصوص المتعلقة بهذه الفترة نص للحسن ألوزاني ( حوالي 1552م ) يقول فيه:"ميزاب منطقة مأهولة في قفار نوميديا على بعد نحو ثلاث مائة ميل شرق تيكورارين، وعلى نفس المسافة من البحر المتوسط، تشتمل على ستة قصور، وعدة قرى سكانها أغنياء، وهي أيضا رأس خط تجاري يلتقي فيه تجار الجزائر، بجاية بتجار أرض السودان..."[8]
فبداية من هذا العهد أخذت الحياة الفكرية والاقتصادية، والعمرانية في النمو، والازدهار بسبب الطريق التجاري، التي استحدثها الميزابيون بكدهم ونشاطهم، فغدت منطقة ميزاب معروفة كمحطة تجارية هامة بشمال الصحراء في جنوب الجزائر، وأصبح موقعها لا يغيب عن الخرائط الجغرافية لتي أنجزها الأوروبيون خلال القرون الثلاثة 18،17،16م[9] .
ونجد أن أغلب المعالم التاريخية الباقية في منطقة ميزاب إلى يومنا هذا تعود في نشأتها إلى هذه الفترة،خاصة ما يتعلق منها بالعمارة الدفاعية .
1-5- الفترة الاستعمارية : مند فرض الحماية الفرنسية على ميزاب 1269هـ / 1853م .
- يقول أوقستان بيرنار:"بإستلائنا على ميزاب قضينا على عش الثورة الدائم والمستودع الذي كان يجد فيه الثوار ضدنا الأسلحة والعتاد والتموين "
- في 16 أكتوبر 1882م تلقى الجنرال دولا تور برقية من الوالي العام لويس تيرمان يأمره بتجهيز حملة ، والذهاب بها إلى ميزاب لإعلان الحاقة، اشتملت هذه الحملة على 1175 ضابط وجندي و معهم 500 فرس، و1851 بعير تحمل مؤونة شهر، غادرت الأغواط يوم : 10 نوفمبر، ووصلت إلى غرداية يوم 17 نوفمبر، ورغم المعارضة الشديدة للطلبة فإن الإلحاق أعلن عنه رسميا يوم: 30 نوفمبر 1882م، ورفع العلم الفرنسي محيا بواحدة وعشرين طلقة مدفعية .
- وكان الخراج المفروض على بني ميزاب عام 1853 قدره : 45 ألف فرنك، بقي إلى 1914م، حيث أخد في الارتفاع إلى أن بلغ عام : 1921م إلى 1035 ألف فرنك .
- وفي 01 نوفمبر 1882م، أصدر الوالي العام قرارا يقضي بإنشاء دائرة عسكرية بغرداية، تشمل قرى ميزاب السبع وأغا ليك، وورقلة، وشعانبة متليلي، وشعانبة المنيعة .
- وفي 12 ديسمبر 1882م، رفع وزير الداخلية ووزير الحربية إلى رئيس الجمهورية "قريفي" تقرير يقضي بإلحاق غرداية، وتم اختيار جبل بوزيزة المشرف على مدينة غرداية لا تبعد عنها سوى 400 م، لإقامة البرج العسكري الفرنسي، وشرع في بنائه يوم 26 ديسمبر 1882م، قسم مخصص للجيش، والقسم الآخر للمكتب الع والمستودعات، به مدفعان يمكن تصويبهما إلى كل من مدن غرداية، ومليكه، وبنورة، وبني يزقن، وبعد الاستقلال حول هذا البرج إلى فندق الرسميين .[10]
2- المعطيات الجغرافية:
2-1- الموقع الفلكي:
تقع ولاية غرداية بين خطي: 32 و20.33 شمالا، و بين: 2 و30 شرقا، وترتفع عن مستوى سطح البحر بـ 468 م.
2-2 الموقع الجغرافي:
تقع غرداية شمال صحراء الجزائر، ومقر الولاية مدينة غرداية، تبعد عن العاصمة بـ600 كلم، وتتربع على مساحة تقدر بـ 86.105 كلم، امتدادها من الشمال إلى الجنوب 45 كلم، ومن الشرق إلى الغرب من 200 الى250 كلم، وتحدها كل من :
- ولاية الجلفة وولاية الأغواط شمالا .
- ولاية البيض وولاية أدرار غربا .
- ولاية ورقلة شرقا .
- ولاية تمنراست جنوبا .
وتبعد مدينة غرداية بـ 200 كلم عن ولاية الأغواط وبـ 200 كلم عن ولاية ورقلة، و600 كلم عن ولاية أدرار وبـ 1200 كلم عن ولاية تمنراست، ويعبرها الطريق الوطني رقم (1) الرابط بين العاصمة الجزائرية والجنوب الكبير.-الخريطة *-
2-3- التضاريس:
تتميز ولاية غرداية بطبيعة صحراوية، باعتبارها جزء من الصحراء الكبرى، كما تحتوي على بعض المنخفضات، المتمثلة في الحمادات والشطوط وبعض الهضبات الصخرية المتقطعة المتكونة من طبقات كلية تتخللها، وديان عميقة متشعبة ومتداخلة، وأبرز مثال على ذلك سهل وادي ميزاب، الذي يقع فوق طبقة صخرية متقطعة تتكون من طبقات كلسيه لذا سميت ببلاد الشبكة، ومن أهم هذه الأودية وادي ميزاب، واد ن سا، واد قدير، واد بلوح واد متليلي، واد الأبيض، واد اريدلن، واد أنتيسه.[11]
2-4- المناخ:
كون الولاية واقعة في مدينة صحراوية فان مناخ المنطقة صحراوي جاف، والمدى الحراري واسع بين النهار والليل وبين الشتاء والصيف، وتتراوح درجة الحرارة شتاءا بين 1°إلى 25°درجة، وبين 18°إلى 48°صيفا، يعتدل الجو في فصلي الخريف والربيع، أما بالنسبة للتساقط فان قلة الارتفاعات ووجود حاجز للاضطرابات الجوية القادمة من الشمال المتمثلة في سلسلة جبال الأطلس الصحراوي جعلت من المنطقة قليلة التساقط، وبصفة غير منتظمة حيث يتراوح المتوسط السنوي مابين 50الى 60مم.[12]
وتهب على المنطقة رياح شمالية غربية باردة في الشتاء، وجنوبية غربية محملة بالرمال في الربيع والتي تلحق أضرارا بالمناطق الفلاحية، عن طريق التعرية، وفي الصيف رياح جنوبية حارة تعرف بالسيروكو .[13]
2-5- الشبكة المائية:
2-5-1- الشبكة المائية السطحية :
هي قليلة وهذا بالنظر إلى كمية التساقط القليلة والمتدبدبة، أما عن شبكة الأودية الرئيسية فان سيلانها مرتبط بكمية التساقط، وهي على العموم تسيل بمعدل مرة في السنتين بشكل طوفاني، يؤدي إلى خسائر مادية في المباني المحيطة بمجرى الوادي .
2-5-2- الموارد المائية الباطنية:
تعتمد المنطقة في احتياجاتها بشكل كبير على الموارد المائية الجوفية، والتي تتوفر بكميات كبيرة هائلة، حيث هناك جيبان مائيان أساسيان تعتمد عليهما المنطقة وهما:
- الطبقة المائية الجوفية : تتغذى هذه المنطقة من مياه الأنهار وجريان الأودية إذ أن منسوب المياه فيها يتغير نسبيا حسب كميات التساقط ومدى جريان الوادي وهذه الطبقة،و يقدر عمقها بين 10الى15م .
- الطبقة المائية الالبية :تتعمق في الطبقة القارية التدريجية إذ أنها تحقق جميع احتياجات الولاية من المياه، وهي تتربع على مساحة 600.000 كلم² من التراب الجزائري .
3- المعطيات الاجتماعية:
إن موضوع معرفة التاريخ الحقيقي المحدد لقدوم العائلات الموجودة حاليا في ولاية غرداية، يصطدم بأكثر من عقبة، فمن ناحية أولى هناك نقص كبير في المؤلفات التاريخية التي تناولت العائلات القادمة إلى هذه المنطقة، وزمن قدومها ضمن أيت ظروف تمت وهذا النقص لم تستطع تجاوزه المحاولات الفردية، ومن ناحية أخرى نجد في الولاية نوع من التراث الشعبي المنقول شفويا، و المتعارف عليه في رواية أصل العائلات[14] ، ولكن الروايات تختلف نوعا ما ولكنها تتفق على أن السكان في هذه الولاية هم من العرب، والبربر امتزجت دماؤهم مع مرور الزمن، حتى انه حاليا لا يمكن نسبة جماعة إلى عرق محدد فالسكان الأصليون الذين قطنوا في ربوع ولاية غرداية قدموا من مختلف أنحاء الجزائر ومن من مختلف أنحاء الوطن العربي كذلك[15].
فخلال الحقبة التاريخية الممتدة ما بين : القرن 10 والقرن 17م توافدت أقوام متعددة إلى سهل ميزاب، فهناك هجرة كانت نتيجة لسقوط دولة مدرار، وهناك قبائل قدمت من وارجلان بعد خراب مدينة سدراتة في 1075م، على يد أحد أمراء قلعة بني حماد المنصور بن الناصر "، و الغزو الثاني في سنة 1229م بقيادة يحيى بن إسحاق النيورقي في ثورته ضد الموحدين فتدمر نهائيا سنة 1274م[16]، وقبائل أخرى قدمت من وادي ريغ بنواحي تقرت، وقبائل قدمت من جبل عمور، وقصر البخاري، والمدية، و الأبيض سيدي الشيخ، ومن جبل نفوسة بليبيا، ومن جزيرة جربة بتونس، ومن مدينتي سجلماسة وفقيق بالمغرب الأقصى، من إقليم الساقية بالصحراء الغربية .
هذه الهجرات المتعددة كونت خليطا بشريا انصهر في بوتقة واحدة تحت راية المذهب الإباضي، و يطلق عليهم جميعا بنو زاب مثل من سبقهم بها[17]، ومع مرور السنين تزايد عدد السكان وأسست قرى كتلك التي أسست سنة 1004م وتدعى "اغرم انواداي" بين مليكة الحالية والوادي على سفح الجبل وقد خرج بها أولاد عبد الله عام 1123م ولم يبق سوى مسجدها، وكان السكان يسكنون أسفل المسجد الذي عند الوادي، لينتقلوا إلى حيث هم اليوم, وفي 1012م أسس خليفة بن أبغور مدينة العطف وكانت تسمى- تاجنينت – يقصد بها المكان المنخفض- وسكنت هذه القرية 13 عائلة أصلها من المعتزلة،[18] ويذكر الشيخ أطفيش في الرسالة الشافية أن أهل العطف كانوا موجودين في قرية اسمها- اغرم نتالزصيت - ويعني قرية الصوف . [19]
إن بني ميزاب وإخوتهم من بني بادين بنو عبد الوادي وبنو توجين وبنو زردال من قبيلة زناته البربرية لما فشلت ثوراتهم ضد قبيلة كتامة تم من بعدهم صنهاجة .
وفي النصف الأخير من القرن الرابع هجري (4هـ) نزحت زناته إلى شمال الصحراء، فانتشروا في بين زاب وملوية حتى الجنوب واستقروا بها وعمروها،[20] ولما ظهرت المذاهب الفقهية سبقت إلى بني مصعب أصول المعتزلة الواصلية، وقد كان هؤلاء السكان يغلب عليهم طابع البداوة والبساطة، ونظام حياتهم يعتمد على تربية المواشي بالدرجة الأولى وعلى الزراعة بالدرجة الثانية، كما توجد بعض القرى والمد اشر التي اندثرت ولم يبق منها إلا بعض الآثار، والتي لا يعرف عنها إلى حد الآن إلا القليل، والمتعلق خاصة بأسمائها ومواقعها نذكر منها : تمزرت- نرشى – اكنوناي، و من ذلك ما ذكره الشيخ إبراهيم مطياز عن قرية بوهراوة شمال شرق غرداية، حيث كانت معمورة بالمعتزلة انقرضت، و لم يبق لها أثر وفي إشارة إلى العلاقة بينهم وبين الرستميين أكد أن العلاقة كانت متوترة، إلى درجة أنهم دخلوا في حروب ضدهم.
كما اشتهرت عدة مناطق من ولاية غرداية مند القديم، بتواجد قبائل الشعانبة الدين قدموا من القطاع ألوهراني ومن مختلف أنحاء الصحراء الجزائرية في سهل ميزاب كما تمركزوا و بكثرة في مدينة متليلي .
وفي القرن السابع عشر ميلادي (19م) كثر عددهم فرحل قسم منهم لتأسيس مدينة المنيعة، سمو بشعانبة مواضي، أما الدين بقوا في متليلي فقد سمو بشعانبة برزقه .
كما توافدت قبائل بني مرزوق الذين قدمو إلى غرداية سنة 1527م، و استقروا بالمنطقة
الشرقية، عند سفح قصر غرداية، وقبائل المدابيح الدين قدموا إلى غرداية سنة 1586م،واستقروا بالمنطقة الشمالية عند سفح قصر غرداية، وفي واحة الضاية، أما في قصري القرارة وبريان بجانب المزابيين الذين أسسوا تلك القصور، فقد نزحت أليهم قبائل عربية تتمثل في قبائل العطاطشة وأولاد السائح والزناخرة وأولاد الشرفة ومغازي . [21]
وفي بريان يسكن إضافة إلى الجماعة الاباضية، أولاد يحيى وهم من السكان القدامى في المدينة، وكانوا قبل ذلك في العطف، فحلوا منها في وادي ن سا ثم استقدمهم آل بريان، وفسحوا لهم المدينة، ومنهم كذلك آل دبادبة، وكانوا في بني يزقن ثم انتقلوا إلى بريان في الأزمنة الأخيرة فسكنوها .
وفي القرارة يسكن إضافة إلى الجماعة الاباضية أولاد الشرفة، ومغازي، وهم من المهاجرين القدامى إلى القرارة .
وهناك عائلات أخرى حلت في بعض مدن ولاية غرداية، منذ قرن أو أقل، وتعاملوا مع السكان ثم استحسنوا المكان فاستقروا فيه .
أما من الناحية الاقتصادية فيذكر لنا التاريخ أنهم انقسموا إلى مجموعتين، أولاهما: استقرت حول مراكز شبه حضارية محصنة طبيعيا وآمنة، مثل قصر متليلي، والمنيعة التي كونوا فيها حضارة عمرانية، هذا عن المجموعة المستقرة، أما مجموعة البدو فإنها ترحل بعيدا بمواشيها إلى مراعي صيفية وشتوية، ثم ما تلبث أن تعود إلى المجموعة الأم من جديد بعد انتهاء موسم الرعي . [22]
بالإضافة إلى الجماعات اليهودية، فنجد أن النواة الأولى لهذه الجماعات قدمت من جزيرة جربة "جنوب تونس" كان لها وجود متميز في المنطقة حيث استقرت من زمن بعيد، والجماعة بأكملها غادرت التراب الولائي سنة 1962م .
أما بالنسبة لتوزيع السكان في القرن 21 م على مستوى البلديات نجده غير عادل، وغير متوازن ومن خلال الخريطة يمكن استخلاص ثلاث صور للتوزيع البشري:
- المناطق المكتظة:
المتمثلة في المناطق ذات ميراث تاريخي ومعماري وخصائص طبيعية مميزة تتمثل في:غرداية، القرارة، العطف
- المناطق المتوسطة الكثافة السكانية:
تشمل المناطق التالية: المنيعة، بريان، متليلي الشعانبة
- المناطق القليلة السكان:
وهي المناطق الجنوبية للولاية: حاسي لفحل، سبسب، زلفانة .
4- المعطيات الإدارية:
ولاية غرداية ظهرت كنتيجة للتقسيم الإداري الوطني لسنة 1984م، حسب القانون رقم 09184 حيث كانت في السابق تشكل إحدى دوائر ولاية الأغواط وتتفرع إلى تسعة (09) وتشتمل على ثلاث عشر (13) بلدية [23]
الدائرة
البلدية
المساحة بكلم² للبلديات
غرداية
القرارة
بريان
الضاية
زلفانة
غرداية
القرارة
بريان
الضاية
زلفانة
300
2900
2200
2175
2220
بنورة
بنورة
العطف
810
750
متليلي
متليلي
سبسب
7300
5640
منصورة
منصورة
حاسي لفحل
6500
6715
المنيعة
المنيعة
حاسي القارة
27000
22000
- الجدول رقم 1 :الخريطة **
- غرداية :
أنشئت سنة 447هـ /1053م وأول من سكنها الشيوخ: بابا الجمة، أبو عيسى بن علوان، وبابا سعد، وأصل تسميتها تغردايت بالمزابية، وهي القطعة المستصلحة من الأرض والواقعة على حافة الوادي، أو الأرض التي يحيط بها الماء، وتعني كذلك الغار أو الكهف الذي كانت تتعبد فيه امرأة اسمها " داية "، وصنفت المدينة عام 1982م كمعلم تاريخي ومكسب للحضارة الإنسانية من طرف اليونسكو، وهذا بفضل الهندسة المعمارية الفريدة من نوعها في الجزائر، وتتشكل من سبعة قصور حملت تسميات عربية وبربرية وهي:العطف، بنورة، تغردايت، بن يزقن، ملكية، القرارة، بريان .
وما يميزها طريقة التحكم في زمام الأمور في هذه المدينة المنقسمة بين الأعيان لكلا الفرقتين الميزانية، والعرب من فرقة الشعانبة .
- القرارة :
أسست سنة 1040هـ /1630م ولم تحتل مكانها الحقيقي مع بقية المدن إلا سنة 1669م، مع الإشارة إلى أنها كانت هناك قريتان عامرتان قبل إنشاء القرارة حاليا فالأولى كانت تسمى: " لمبرتخ أغرن أوداي"، وأما الثانية فتسمى القصر الأحمر وتبعد على مقر الولاية بحوالي: 120كلم، تتميز بقصرها القديم ومسجدها العتيق وواحة النخيل التي تحيط بالمدينة .[24]
- بريان:
أنشئت في أوائل القرن الحادي عشر هجري أي سنة 1101هـ/1690م وتبعد ب45 كلم عن مقر الولاية، ترجع أصول تسميتها إلى- آت أبرقان وأبرقان- لفضة بربرية تعني الخيمة وهناك من يعلل التسمية تعليلا جغرافيا، إذ يرى أن موقع المدينة كان يسمى قديما بريان من طرف رعاة غرداية الذين يقصدونه لكثرة مياهه، وتتميز المدينة بقصرها الذي يعد معلما تاريخيا هاما وتقع في تقاطع الأودية الثلاثة: بالوح، السودان، ن سا . [25]
- ضاية بن ضحوة :
تبعد بـ11 كلم عن مقر الولاية، تتواجد في مجرى وادي ميزاب، سكنت في حدود 995هـ تتميز بواحات نخيلها وقصرها القديم، والنقوش الحجرية، والصناعات التقليدية .
- زلفانة:
تبعد بحوالي 65كم أنشئت عقب انجاز البئر الارتوازي من قبل الإدارة الفرنسية سنة 1956م، عند انجاز الطريق الوطني رقم 46، تتميز بغابات النخيل، وحماماتها المعدنية التي جعلت منها منطقة سياحية .
- بنورة:
أنشئت سنة 457هـ/1065م واسمها نسبة إلى القبيلة المصعبية التي سكنت هذه المدينة قديما تتميز بأنها مبنية فوق ربوة صخرية منيعة، مما شكل لها سورا طبيعيا [26]
- متليلي:
التي تبعد حوالي 45كلم جنوب غرداية، وسكنت في العهد القديم خلال القرن 14م، أما عن نسبة تسميتها فهناك من يرى أنها لفضة بربرية معربة يقصد بها الجبل، ولها معالم تاريخية من بينها قصر متليلي الشعانبة، متحف المجاهد، ضريح سيدي احمد بن بوحفص، مقام سيدي بولنوار، مقام سيدي الشيخ، وتشتهر بإحياء عيد المهري في ربيع كل سنة، وبصناعتها التقليدية المتنوعة ـ الزربية، الجلود، النقش على الكر ناف
- منصورة:
تتميز بالطابع الفلاحي وبمناظر طبيعية رائعة، أضفت عليها بساتين النخيل والجبال الرملية المترامية الأطراف .
- المنيعة:
تقع على بعد 270 كلم جنوب الولاية أين يتربع قصرها القديم " القليعة "، الذي تأسس في القرن 10، أما تسميتها فقد أطلقت عليها في البداية اسم " تاوريت " وبقيت هذه التسمية منذ بداية القرن السادس هجري إلى غاية القرن السابع هجري حيث استبدل بالقليعة نتيجة المعارك التي عرفها القصر، وفي بداية القرن 11 م استبدل باسم المنيعة، يوحي مظهره الخارجي بالقوة والمناعة، كانت تسكنه قبيلة " مضغرة " الزناتية على عهد ابن خلدون، وظل محتفظا ببعض معالمه التي ما زالت تستهوي السياح، وتتميز هذه المدينة بمياهها المعدنية العذبة، ومتحفها الذي يضم مجموعة هامة من المصنوعات الحجرية جمعت من ما يقبل التاريخ، وضريح الأب " دي فوكو " De.Foceault، والكنيسة الكاثوليكية التي تعتبر أول كنيسة بالجنوب الجزائري، تقع على بعد 02 كلم شمال المنيعة، بالإضافة إلى السور الدفاعي، والمسجد العتيق، تتميز بصناعتها التقليدية المتنوعة.