يا أرض أندلس الخـضـراء حينـا لعل روح من الحمراء تحينا
عادة إلي أهلها تشتاق فتيتها فأسمعت من غنا الحب تحلينا
كانت لنا , فعنت تحت السيوف لهم لكن حاضرها رسم لماضينا
وفي عزنا اكتسبت منا فصورتنا محفوظة أبدآ فيها تعزينا
في البرتغال وأسبانيا ازدهرت آدابنا وسمت دهرآ مبانينا
وفي صقيلية الآثار ما برحت تبكي التمدن حينا والعلا حنينا
كم من قصور وجنات مزخرفة فيها الفنون جمعناها أفانينا
وكم صروح وأبراج ممردة زدنا الملك توطيدآ وتمكينا
وكم مساجد أعلينا مآذنها فاطلعت أنجمآ منها معالينا
تلك البلاد استمدت من حضارتنا ما أبدعته وأولته أيدينا
فيها النفائس جاءت من صناعتنا ومن زراعتنا صارت بساتينا
فأجدبت بعدنا واستوحشت زمنآ تصبوا إلينا وتبكي من ثنائينا
أيام كانت قصور الملك عالية كان الفرنج إلي الغابات أوينا
وحين كنا نجر الخز أرديت كانوا يسيرون في الأسواق عارينا
جاءت من الملأ الأعلى قصائدنا والروم قد أخذوا عنا قوافينا
لم يعرفوا العلم إلا من مدارسنا ولا الفروسية إلا من مجارينا
أعلى الممالك داستها جحافلنا وسرحت خيلنا فيها سراحيلا
تلك الجياد بأبطال الوغى قطعت جبال برناتا وانقضت شواهينا
في أرض أفرنست القصوى لها أثر قد زاده الدهر أيضاح وتبينا
داست حوافرها ثلجآ كما وطئت رملآ وخاضت عبابآ في مغازينا
كسرى وقيصر قد فرت جيوشهما للمرزبان وللبطريق شاكينا
حيث العمامة بالتيجان مرزية من يوم يرموك حتى يوم حطينا
وللعروش طواف بالسرير إذا قام الخليفة يعطر للناس تأمينا
بعد الخلافة ضاعت أرض أندلس وما وفا العرب الدنيا ولا الدينا