وفي كل زمان وفي كل مكان يتغير كل شيء،فلا يبقى الماضي مثل الحاضر ولا الحاضر
مثل المستقبل،وكما هو هكذا الحال،يكون أيضا في معظم البشر يتغيرون بطبيعة الظروف
إلا ذوي المعدن الأصيل منهم،والقلوب المليئة بالطيبة التي لا تنضب،وفي هذا المضمار
ترى هناك آداب كثيرة كانت مثمرة في الماضي والحاضر قد بدأت تذبل ألا وهي:
1-الصداقة الخالية من النفاق: في الماضي كانت أكثر الصداقات جميلة ونقية خالية
من النفاق والادعاء بالوفاء،واليوم هي إحدى هذه الأربع: صداقة للتسلية وتضييع الوقت،و
إما صداقة لعب ولهو ،وإما مصلحة ،وإما استغلال.
2-فرش قارعة الطريق بالطعام لعابرين السبيل:مظهر جميل من مظاهر الأدب والكرم،لقد
قل في هذا الزمن أو أصبح شبه معدوم.
3-ترك بعض القيم والمبادئ والأخلاق:كان لنا قيم ومبادئ لم نتنازل عنها يوما،مثل عدم
تقليد الغرب في انحرافاتهم ومفاسدهم،وتشجيع الأبناء على الصلاة والصيام وتلاوة
القرآن الكريم فهذا الأمر قد أصبح شبه معدوم أيضا،فصرنا ننجرف فقط خلف الفساد و
الانحراف لينطبق علينا قوله صلى الله عليه وسلم: (لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه).
أليس لو كان الأفضل بأن نتبع علومهم وعاداتهم السمحة،ونترك عهرهم وفسادهم.
4-التواصل مع كل الأقرباء والأصدقاء: سابقا كنا نزور بعضنا البعض ونتفقد الأحوال ولا
نترك أي أحد إلا ونسأل عنه ونتفقد أحواله،وكان اليوم يكتمل بالوصال،وتزدان القلوب
بالمحبة والإيثار،واليوم لا أحد يبالي بأحد إلا فئة قليلة أيضا،فقد أشغلتنا أجهزتنا الذكية
بحيث أصبح كل شخص منا يحمل جهازه في يده يمضي فيه الساعات الطويل،وحتى الأسرة
نفسها لم يعد أحدا قريبا من أحد.
5-توقفت الفتوحات الإسلامية: منذ أن أسس نبينا الحبيب دولة قائمة على الحق والعدل،و
تلاه بعد ذلك الخلفاء الراشدين،ومن ثم الدولة الأموية،والعباسية ووو إلخ...
كان الإسلام ينتشر بسرعة البرق،والكل يشهد للمسلمين بحسن سيرتهم وأخلاقهم،وكنا
أمة تقود لا تقاد،واليوم نحن أمة تقاد كالغنم خلف الراعي.
وغير ذلك الكثير الكثير أكون قد علمت به ولم أعلم به ويعلمه غيره،لأنه ماإن تقرأ هذا
المقال ستقول:نعم صحيح!.
لقد كنا كذا وكذا وكذا،واليوم أصبحنا كذا وكذا وكذا،حقيقة لا يمكن أبدا بأن يختلف حول
موضوعها اثنان،فنسأل الله عز وجل بأن يردنا إليه ردا جميلا.