ونحن صغار،كنا نظن بأن الحياة جميلة،وأجمل مافيها أولئك الأصدقاء وكل من حولنا،فكنا
نلعب ونلهو دون أي خوف،نقترب من الجميع لأننا نظن بأنهم أنقياء وطيبين مثلنا،لم نعرف
في يوم من الأيام معنى للحزن،والهم،والغم،الحياة كلها بشكل عام ماهي إلا براءة،واليوم
كبرنا كثيرا،حتى ارتقينا في تفكيرنا،وفي كل جانب من حياتنا.
نرى الواقع فنصدم،والعيب ليس في زماننا،وهو أيام تمر تباعا،ولكن! العيب في بعض
الناس. وكما يقول الإمام الشافعي: نَعِيبُ زَمَانَنَا وَالعَيْبُ فِينَا ** وَمَا لِزَمَانِنَا عَيْبٌ سِوَانَا
وَنَهجُو ذَا الزَّمَانَ بِغيرِ ذَنْبٍ ** وَلَوْ نَطَقَ الزَّمَانُ لَنَا هَجَانَا
هي الحقيقة،فبعض الناس كلما على وارتقى في منصبه،استغل هذا المنصب في ظلم
الناس،وأخذ حقوقهم،فيصبح كل همه نفسه فقط،ولا يبالي كيف يبيتون؟أهم جوعى أم
شبعى!،أهم بصحة جيدة أم بمرض مدمر!،وياللأسف يتجبرون، ويتمادون، ولا يتعظون
بما حدث لكل ظالم في الأمم السابقة،كأمثال فرعون،والنمرود،وأبي لهب،وأبي جهل،و
غيرهم الكثير،وينسون بأنهم في يوم ما سيردون إلى الله،ليحاسبهم ويعاقبهم على
كل ماحدث.
والأمر من كل هذا،أننا بعنا ديننا،وخير دليل على ذلك بأن الأقصى قد تم اقتحماها،ومنع
المسلمين من الصلاة فيها،ولو كان في الحكام ذرة غيرة على دينهم،ماكانوا سمحوا لكل
هذا بأن يحدث،ولا عذر لهم ولا عذر لنا،كيف لا والله عز وجل يقول فيها: ( سُبْحَانَ الَّذِي
أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ
آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).
فقط ! نحن الآن مشغولون ببعضنا،كلا منا يلقي الملامة على غيره،هذا يلوم هذا،وذاك
يلوم هذا،حتى بعد هذه الملامة،نهجم على بعضنا ونقتل بعضنا البعض،في حين أنه
من المفترض أن نكون يدا واحدة ضد الأعادي.
تأمل من حولك كيف أن الفقر والمرض طغيا على العالم والشرق الأوسط خاصة،وأن أمور
الناس هي الأولى من كل شيء،ومن أي شيء،واليوم قلة جدا من الناس من يهتمون
بأمور عامة الناس.
ولكن ! لا زال الخير في أمة محمد صلى الله عليه وسلم،ولا زال الأمل باق،طالما نحن
نتنفس ومازلنا على قيد الحياة،والتفاؤل يسكن حياتنا طالما نوقن حقا بأن لابد للخير،والحب
والسلام بأن ينتشروا،وطالما نحن نحسن الظن في الله عز وجل،فلابد من شمس الإبتسامة
بأن تشرق من جديد في حياتنا.