إنَّ الحمد لله نحمدهُ ونستعينهُ ونستغفرهُ ونعــوذُ باللهِ من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا
من يهدهِ اللهُ فلا مضلَّ له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له
وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله ...أما بـــــــــعد
السلامُ عليكم و رحمةُ اللهِ و برَكاته
أخوتي و أخَواتي في الله
أتمنى مِنْ الله عز و جل أن تكونوا جميعاً بأفضل حال
حقيقة فريضة الحج[rtl]
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا.. وبعد:يخاطب ربنا - جل وعلا - رسوله باتباع ملة إبراهيم بقوله: (ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).وجعله أحسن الدين كما قال - سبحانه -: (وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا)، وتفاخر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بانتسابه إلى هذه الملة الحنيفية، فقال - عز وجل -: (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)، ومن هنا كان التوجيه للأمة باتخاذ منهج الخليل وملته وشريعته الداعية إلى حقيقة الإسلام والاستسلام والانقياد له - سبحانه - وجعل هذه الآيات في أواخر سورة الحج بقوله - عز وجل -: (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ).تأمل.. الآية في آخر سورة الحج وفيها حث على التأسي بنبي الله إبراهيم - عليه السلام -، فالحج إذن له حقيقة، وحقيقته تتجسد في تلك المواقف والمناسك التي يتعبد بها المسلمون اليوم بين إحرام وطواف وسعي ووقوف بعرفة ورمي للجمرات، والتي تمثل في مجملها وتلخص قصة الإسلام.فالخليل يؤكد مفهوم الاستسلام يوم أن يقذف في النار فيقول حسبي الله ونعم الوكيل، ويؤكد الانقياد يوم أن يؤمر بأن يأتي بأهله بواد غير ذي زرع فيتركهم هناك، ويؤكد غاية القبول يوم أن يؤمر بذبح ولده وفلذة كبده إسماعيل فيطيع، وكذلك أهله ساروا على طريقه وسبيله يوم أن أطاعته زوجته لتبقى في وادي مكة المقفر لتستسلم لأمر ربها ومعها رضيعها، ثم تأمل في استسلام إسماعيل يوم أن وضع على مقصلة الأمر الإلهي بالذبح فقال: (قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ).وهكذا نرى أن الحاجَّ اليوم يسلك سبيل الاستسلام والانقياد فيعلن منذ أن يحرم ذلك التصور بقوله (لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك) فيا رب طاعة بعد طاعة وعبادة بعد عبادة وكلها تحت شعار أنقاد لك يا رب وأستسلم لك يا رب، وهذه هي حقيقة الحج إنه الإعلان عن تمام استسلام المرء لله - عز وجل - وانقياده له - سبحانه -.. والله أعلم.الكـاتب : حسام الدين كاظم السامرائيأدعو الله عز و جل بأن يجعل لي و لكم قبل الموت توبة
و عِند الموتِ شهادة
و بعد الموتِ مغفرةً و رحمة
ودي و حبي في الله