من خطب الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى
الحمدُ لله الذي بنعمته اهتدى المهتدون ، وبعدله ضل الضَّالون . لا يُسئل عما يفعل وهم يُسئلون . أحمدهُ سبحانه حمد عبد نزه ربه عما يقول الظالمون . وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له . وسبحان الله رب العرش عما يصفون . وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخليله الصادقُ المأمون . اللهمّ صل على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه الذين هم بهديه مستمسكون . وسلِّمْ تسليماً كثيراً .
أما بعد فيا أيها الناس اتقوا الله حقَّ تُقاته . وسارعوا إلى مغفرته ومرضاته . وأجيبوا الداعيَ إلى دار كرامته وجناته . ولا تغرنّكُم الحياةُ الدنيا بما فيها من زهرةُ العيش ولذّاته . فقد قَرُبَ الرحيل وذُهِبَ بساعات العمر وأوقاته . واعلموا أن الخير كله بحذافيره في الجنة ، فأدلجوا في السير إليها . والشر كله بحذافيره في النار ، فاجتهدوا في الهرب منها . ألا وأن الدنيا عَرَض حاضر ، يأكل منها البر والفاجر ، والمؤمن والكافر . والآخرة وعد صادق ، يحكم فيها ملك قاهر .
فلا تغُرَّنّكُم الحياة الدنيا فإنها دار بلاء ، ومنزلُ ترحة وعناء . نَزَعَتْ عنها نفوسُ السعداء , وانتُزعت بالكره من أيدي الأشقياء ، وحال بينهم وبيم ما أمّلوه القدر والقضاء . ضُربت لكم بها المقاييسُ والأمثال . وقُرِّبت لكم الحقيقةُ بالشبه والمثال ، فقال صلى الله عليه وسلم "مالي وللدنيا . إنما مَثَل الدنيا كراكب قال في ظل دَوْحة" .