ابن المغرب البار المشرف العام
احترام قوانين المنتدى : أعلام الدول : عدد الرسائل : 2784 العمر : 39 تاريخ التسجيل : 14/10/2011
| موضوع: ....الكبر.... الإثنين سبتمبر 07, 2015 7:56 pm | |
| الكبر الحمد لله العلي الكبير , العزيز الجبار المتكبر , وأشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له , واشهد ان محمد عبده ورسوله , صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا 0 ( يأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون ) 0 أيها الإخوة المسلمون : آفات القلوب كثيرة وكثيرة جدا , أعظمها أخطرها على دين المرء , آفة من هذه الآفات تعتري فئة من الناس تبين على جوارحهم , أقوالهم , وأفعالهم , أسبابها ودوافعها كثيرة , وأسباب علاجها والقضاء عليها بإذن الله يسيرة إنها : آفة الكبر والتكبر , وما أدراكم ما لكبر والتكبر 0 هلك بالكبر خواص الأنام فضلا عن غيرهم من العوام، وهو الحجاب العظم للوصول إلى أخلاق المؤمنين، إذ فيه عز يمنع عن التواضع ، و كظم الغيظ ، و قبول النصح، و الدوام على الصدق، و ترك الغضب و الحقد , و الحسد و الغيبة و غير ذلك. و لذا ورد في ذمه ما ورد من النصوص الشرعية 0 فهو أول ذنب عصي الله فيه , ***ا أمر الله الملائكة بالسجود لآدم سجدوا : ( إلا إبليس أبا واستكبر وكان من الكافرين) وقد جاء في النصوص الشرعية بيان ذم الكبر والحذر منه وبيان عقوبة فاعله في الدنيا والآخرة قال الله تعالى ( قيل ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين ) وقال سبحانه ( فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق ...) ومن الأحاديث : مارواه مسلم عن عبدِ اللَّهِ بن مسعُودٍ رضيَ اللَّهُ عنه، عن النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال: لا يَدْخُل الجَنَّةَ مَنْ كَانَ في قَلْبِهِ مثْقَالُ ذَرَّةٍ مَنْ كِبرٍ, فقال رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُه حسناً، ونعلهُ حسنا قال : إِنَّ اللَّه جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ الكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ وغَمْطُ النَّاسِ 0 بَطَرُ الحقِّ: دفْعُهُ وردُّهُ على قائِلِهِ. وغَمْطُ النَّاسِ : احْتِقَارُهُمْ 0وعنْ سلمةَ بنِ الأَكْوع رضي اللَّه عنه أَن رجُلاً أَكَل عِنْدَ رسولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بشِمالِهِ فقال: كُلْ بِيَمِينِكَ , قالَ: لاَ أَسْتَطِيعُ، قال: لا اسْتَطَعْتَ , مَا مَنَعَهُ إِلاَّ الكبْرُ. قال: فما رَفَعها إِلى فِيهِ. رواه مسلم. و عن حَارثَةَ بنِ وهْبٍ رضي اللَّه عنه قال: سَمِعْتُ رسُولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقولُ: أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ ؟: كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ 0 متفقٌ عليه. وعن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رضيَ اللَّهُ عنه، عن النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال: « احْتَجَّتِ الجَنَّةُ والنَّارُ، فقالت النَّارُ: فيَّ الجَبَّارُونَ والمُتَكَبِّرُونَ، وقالَتِ الجنَّةُ: فيَّ ضُعَفاءُ النَّاسِ ومَسَاكِينُهُمْ. فَقَضَى اللَّه بيْنَهُمَا: إِنَّكِ الجَنَّةُ رَحْمَتي، أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ وإِنَّكِ النَّارُ عذَابي، أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ، ولِكِلَيْكُما عليَّ مِلْؤُها 0 وعنه قال: قالَ رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: ثَلاثةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّه يَوْمَ القِيامَةِ، وَلا يُزَكِّيهِمْ، وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: شَيْخٌ زانٍ، ومَلِكٌ كَذَّابٌ، وعائلٌ مُسْتَكْبِرٌ» رواهُ مسلم 0 و العائِلُ هو : الفَقِير. وعنه قال: قال رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: قال اللَّه عزَّ وجلَّ: العِزُّ إِزاري، والكِبْرياءُ رِدَائِي، فَمَنْ يُنَازعُني في واحدٍ منهُما فقدْ عذَّبتُه0 وعنْه أَنَّ رسولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال: « بيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي في حُلَّةٍ تُعْجِبُه نفْسُه، مرَجِّلٌ رأسَه، يَخْتَالُ في مَشْيَتِهِ، إِذْ خَسَفَ اللَّهُ بِهِ، فهو يَتَجَلْجَلُ في الأَرْضِ إلى يوْمِ القِيامةِ » متفقٌ عليه 0 وعن سَلَمَة بنِ الأَكْوع رضيَ اللَّه عنه قال: قال رسُولُ اللِّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: لا يزَالُ الرَّجُلُ يَذْهَبُ بِنفْسِهِ حَتَّى يُكْتَبَ في الجَبَّارينَ، فَيُصِيبُهُ ما أَصابَهمْ 0 رواهُ الترمذي وقال: حديث حسن . يَذْهَبُ بِنَفْسِهِ : أَي يَرْتَفعُ وَيَتَكَبَّرُ. وقد ضرب النبي صلى الله عيه وسلم أروع الامثلة في التواضع لله ولعباد الله 0 فقد روى مسلم عن عِيَاضِ بنِ حِمَارٍ رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: « إِن اللَّه أَوحَى إِليَّ أَنْ تَواضَعُوا حتى لا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلى أَحدٍ، ولا يَبغِيَ أَحَدٌ على أَحَدٍ » 0وعَنْ أبي هريرة رضي اللَّه عنه أَن رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال: « ما نَقَصَتْ صَدقَةٌ من مالٍ، وما زاد اللَّه عَبداً بِعَفوٍ إِلاَّ عِزّاً، ومَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ للَّهِ إِلاَّ رفعه0 وعن أَنس رضي اللَّه عنه أَنَّهُ مَرَّ عَلَى صِبيانٍ فَسَلَّم عَلَيْهِم وقال: كان النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَفْعَلُهُ. متفقٌ عليه. عنه قال: إِنْ كَانَتِ الأَمَةُ مِن إِمَاءِ المَدِينَةِ لَتَأْخُذُ بِيَدِ النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، فَتَنْطَلِقُ بِهِ حَيثُ شَاءَتْ. رواه البخاري. وعن الأسوَد بنِ يَزيدَ قال: سُئلَتْ عَائِشَةُ رضيَ اللَّه عنها: ما كانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَصنعُ في بَيْتِهِ ؟ قالت: كان يَكُون في مِهْنَةِ أَهْلِهِ يَعني: (خِدمَةِ أَهلِه) فإِذا حَضَرَتِ الصَّلاة، خَرَجَ إِلى الصَّلاةِ، رواه البخاري. وعن أبي رِفَاعَةَ تَميم بن أُسَيدٍ رضي اللَّه عنه قال: انْتَهَيْتُ إِلى رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم وهو يَخْطُبُ. فقلتُ: يا رسولَ اللَّه، رجُلٌ غَرِيبٌ جَاءَ يَسْأَلُ عن دِينِهِ لا يَدري مَا دِينُهُ ؟ فَأَقْبَلَ عَليَّ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم وتَركَ خُطْبتهُ حتى انتَهَى إِليَّ، فَأُتى بِكُرسِيٍّ، فَقَعَدَ عَلَيهِ، وجَعَلَ يُعَلِّمُني مِمَّا عَلَّمَه اللَّه، ثم أَتَى خُطْبَتَهُ، فأَتمَّ آخِرَهَا. رواه مسلم 0 أيها الاخوة : هذا غيظ من فيظ تواضعه , ومن تتبعه عرف 0 ألا فلتتقوا الله وليكن قدوتكم نبيكم لعلكم تفلحون ......... اقول قولي هذا الخطبة الثانية الحمد لله رب العالمين ........................... أيها الإخوة المسلمون : في مجتمعنا اليوم صور عديدة من صور هذه الآفة المشينة ( الكبر ) دعت الناس المتكبرين إلى انتحالهم هذه الصفة الذميمة عدة أمور تتعلق بجوانب عدة في الحياة والنتيجة لوعلمت الحقيقة : لا شيء إلا الفتنة والافتتان 0 تكبر أناس عن طريق الحسب والنسب فافتخروا بالآباء والأجداد وهؤلاء كالذي تعزز بكمال غيره , ولو علم أن أباه القريب كان نطفة قذرة , وأباه البعيد كان من تراب لما تكبر0 وتكبر أناس من جهة المال والغنى , ولو تأملوا حال اليهود وغناهم وجمعهم للدرهم والدينار فما أغنت عنهم من عذاب الله من شيء , بل زادت في عذابهم , فأفٍ لشرف تسبق اليهود إليه , ويسلبه السارق في لحظة , فيعود صاحبه فقيرا ذليلا 0 وتكبر أناس من باب العلم والمعرفة : ولو علموا ان المسؤولية والحجة على العالم أخطر منها على الجاهل لتمنوا ان لم يعلموا , وان حقيقة العلم بعث التواضع ونبذ التكبر 0 وتكبر أناس من جهة الجاه والوصول إلى المسئولين فقربوا هذا وابعدوا ذاك0 وتكبر أناس من جهة مكانتهم الاجتماعية ووظائفهم *** يقضوا لذي حاجة حاجته بل أضرا بأناس على حساب آخرين فلهم الويل يوم الدين 0 ومن العجيب الغريب أنه تكبر أناس على لا شيء , وإنما هو حديث النفس والزهو واحتقار الآخرين ليس إلا 0 أيها الإخوة : الكبر أقسام وأنواع منوعة , فمن هذه الأقسام والأنواع التكبر على الله عز وجل . وهو أفضع أنواع الكبر وأخبثها .ومن أمثلته قول فرعون : أنا ربكم الأعلى . وقول النمرود لإبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام : قال أنا أحيي و أميت .وقول كفار قريش حين أمروا بالسجود للرحمن : قالوا : ( وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا) ومنها : التكبر على رسل الله عليهم الصلاة والسلام وهو شنيع ولكنه أقل من الأول 0 ومن أمثلته قول فرعون ومن معه : أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهم لنا عابدون 0 وقول كفار العرب في شأن الرسول عليه الصلاة والسلام لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا ) ( . .. وقالوا و لا نٌزل هذا القرآن على رجلاً من القريتين عظيمِ ).. يعنون أنه لو كان الله اختار رسولاً ***اذا لم يجعله واحداً عظيماً غنياً من مكة كالوليد بن المغيرة ، أو من الطائف كعروة بن مسعود الثقفي ؟ ومن أنواع الكبر : التكبر على الناس من غير المرسلين وهو شنيع ولكنه أقل من الثاني 0 ومن أمثلته قول إبليس في حق آدم (قال أنا خير منه خلقتني من نارَ وخلقته من طين ) ..وهذا في أصله تكبر على خلق الله ولكنه جر إبليس إلى التكبر على الله تعالى .وكثيراَ ما يقع ، حيث يستكبر العبد على الله تعالى لأنه سمع النصيحة من عبد من عباد الله0 هذه الآفة أيها الإخوة لها علاج كما لغيرها من الآفات فمن وسائل العلاج : تذكير النفس بالعواقب و الآثار المترتبة على التكبر سواءَ أكانت دنيوية ، أم أخروية . ومنها : الابتعاد عن صحبة المتكبرين ، ومصاحبة المتواضعين المخبتين ، فربما تعكس هذه الصحبة بمرور الأيام شعاعها عليه . ومنها : مجالسة ضعاف الناس وفقرائهم وذوي العاهات منهم ، بل ومؤ كالتهم ومشا ربتهم ، كما كان يصنع النبي عليه الصلاة والسلام وصحابته الكرام ، وكثير من السلف ، فإن هذا مما يهذب النفس وتجعلها تقلع عن غيها ، وتعود إلى رشدها . ومنها : التفكر في النعم التي تحيط به ، وكيف تكون حاله لو سلبٌت منه ؟ فإن ذلك التفكر يحرك النفس ويجعلها تشعر بخطر ما هي فيه ، إن لم تبادر بالتوبة والرجوع إلى نفس المصير . ومنها : النظر في سير و أخبار المتكبرين ،كيف كانوا ؟ وإلى أي شيء صاروا ؟ فإن ذلك مما يخوف النفس ويحملها على التوبة خشية أن تصير إلى نفس المصير . ومنها : حضور مجالس العلم التي يقوم عليها علماء ثقات لا سيما مجالس التذكير والتزكية ، فإن هذه المجالس لا تزال بالقلوب حتى ترق وتلين ، وتعود إليها الحياة من جديد . وهناك أسباب كثيرة وكثيرة غير ما ذكر لعل المسلم يتلمسها ويعلم من كان واقعا في شيء من هذه الآفة ما هو العلاج النافع والناجع في حق نفسه فيسلكه 0 فلتحرصوا عباد الله على تطهير النفوس والقلوب من ادرأنها فالله تعالى يقول ( يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ) اللهم طهر قلوبنا مما لا يرضيك , واسلك بنا سبل النجاة.. | |
|