لقب بشيخ المدربين، كسب احترام كل الشعب الجزائري، نال إعجاب الجميع عندما كان لاعبا ومدربا، التحق بفريق جبهة التحرير الوطني،
رفقة كل من رشيد مخلوفي، مختار لعريبي و رواي عمار، كما منح المنتخب الوطني الجزائري لكرة القدم كأس أمم إفريقيا الوحيدة سنة 1990 وأعاد لفريق مولودية الجزائر لقب البطولة بعد 20 سنة، إنه المرحوم عبد الحميد كرمالي الذي قدم الكثير لكرة القدم الجزائرية، ولد شيخ المدربين رحمه الله في أفريل سنة 1931 في أقبو بولاية بجاية، لعب للعديد من الأندية بداية باتحاد سطيف و وفاق سطيف واتحاد الجزائر، مرورا بنادي كان وأف سي ميلوز وصولا إلى نادي ليون، كما درب العديد من الأندية في الجزائر وفاز أيضا بألقاب كثيرة.
بعد معاناة كبيرة مع المرض، رحل عنا الشيخ عن عمر يناهز 82 سنة، "شيخ" يشهد له التاريخ أنه كان وراء تتويج المنتخب الوطني الجزائري بكأس أمم إفريقيا في الجزائر.
ورغم صعوبة المهمة إلا أن "الشيخ" عرف كيف يفك شفرة كأس أمم إفريقيا ويفوز بها، كما فك العديد من الألغاز قبل وبعد هذه الكأس، فعاد عبد الحميد كرمالي إلى تدريب فريق مولودية الجزائر الذي يعشقه كثيرا، وكان ذلك سنة 1999 ومنحه لقب البطولة بعد 20 سنة من الانتظار.
من سطيف إلى الاحتراف
كغيره من الشبان كان شيخ المدربين عبد الحميد كرمالي رحمه الله يمارس كرة القدم في قريته، غير أن إمكانياته لم تكن كتلك التي يمتلكها الشباب الذين كان يلعب معهم، فما كان على أحد مسيري فريق اتحاد سطيف سوى خطفه من المكان الذي كان يمارس فيه الشيخ لعبته المفضلة ويأخذه إلى مقر فريقه من أجل صقل هذه الموهبة الفذة.
وفعلا التحق الشيخ بصفوف فريق اتحاد سطيف ليرقى بعدها لصفوف الأكابر، واندهش لهذا القرار المتخذ من المسيرين، غير أنه كان يثق كثيرا في إمكانياته كلاعب وكمدرب بعدها، ليواصل شيخ المدربين تألقه مع صنف الأكابر لفريق وفاق سطيف قبل أن يقرر التنقل إلى فرنسا من أجل الاحتراف.
إمكانيات كبيرة
كما ذكرنا، فشيخ المدربين كان يتمتع بإمكانيات كبيرة كلاعب، بعد تنقله إلى فرنسا التحق بفريق ميلوز وتألق معه لينضم بعدها إلى فريق "كان".
ولم يتوقف الشيخ عند هذا الحد وأبهر الجميع بقدراته، ليلتحق بعدها بفريق ليون لتكتب بعدها قصة أخرى في تاريخ شيخ المدربين عبد الحميد كرمالي رحمه الله.
مسيرو فريق ليون الفرنسي انبهروا بمستوى الشاب كرمالي الذي قدمه مع فريق "كان" ما جعلهم يتعاقدون معه، حيث أضحى قطعة أساسية في هذا الفريق.
وبعد أن قررت جبهة التحرير الوطني تشكيل منتخب لها، قرر عبد الحميد كرمالي الالتحاق بالثورة، تاركا فريق ليون، ملبيا بذلك نداء الوطن ولم يتأخر مثله مثل باقي اللاعبين الذين شكلوا فريق جبهة التحرير الوطني.
حسابات مسؤولي الكرة في فرنسا تختلط
لم يفهم مسؤولو كرة القدم في فرنسا شيئا، فقد قررت مجموعة من اللاعبين الجزائريين مغادرة تراب الاحتلال، وهو أمر طبيعي، فقد اختاروا نداء القلب، نداء الوطن ومن أجل الجزائر كل شيء يهون، فزيتوني ورشيد مخلوفي قررا الالتحاق بصفوف فريق جبهة التحرير الوطني، رغم أنهما كانا على وشك تمثيل المنتخب الفرنسي في نهائيات كأس العالم 85 بالسويد.
هذا، وتقرر أن تدخل مجموعة من الحدود الفرنسية السويسرية، ومجموعة أخرى تدخل من الحدود الفرنسية الإيطالية وبعدها التوجه نحو تونس، فما كان على الشيخ عبد الحميد كرمالي سوى التوجه إلى الحدود السويسرية رفقة كل من مخلوفي، براهيمي، بوشوك ولعريبي، هؤلاء الخمسة سافروا إلى إيطاليا بعدها دخلوا إلى تونس بسلام.
هذا، وتألق فريق جبهة التحرير الوطني بعدها في كل مباراة يلعبها وأبهر العالم بأكمله بالمستوى الذي كان يقدمه في تلك الفترة، فلعب فريق جبهة التحرير الوطني مع العديد من المنتخبات العربية ومنتخبات أوروبا الشرقية، فما كان على هذه المنتخبات سوى رفع القبعة لمنتخب جبهة التحرير الذي كسب احترام العالم كله.
يتفرغ للتدريب
وبعد انتهاء مسيرة شيخ المدربين كلاعب، تفرغ عبد الحميد كرمالي إلى التدريب قصد تأطير شبان الجزائر، فقد عمل مع العديد من الفرق الجزائرية على غرار وفاق سطيف، اتحاد الشاوية، مولودية الجزائر، شباب قسنطينة، اتحاد عنابة وترجي مستغانم، كما درب أيضا المنتخب الوطني للأواسط والأكابر، وكانت مسيرة "الشيخ" التدريبية حافلة بالألقاب والتتويجات، كما أنه نال احترام كل اللاعبين الذين دربهم.
... ويمنح الجزائر كأس أمم إفريقيا 1990
ومنح الشيخ عبد الحميد كرمالي الجزائر كأس أمم إفريقيا 1990، حيث قام بعمل كبير داخل المنتخب كلل بالتتويج، ورغم أن منتخب 1990 كان يعج بالنجوم على غرار كل من ماجر، مناد، وجاني، صايب وشريف الوزاني، إلا أن الشيخ عرف كيف يسير المجموعة بفضل حنكته في التدريب.
ولم يكتف منتخبنا الوطني الجزائري سنة 1990 بالتتويج بكأس أمم إفريقيا، بل كان أحسن فريق من حيث الدفاع والهجوم، بفضل شيخ المدربين الذي عرف كيف يمنح الجزائر كأس إفريقيا.
يتوج مع "المولودية" بلقب البطولة بعد 20 سنة
هذا، وقد منح شيخ المدربين عبد الحميد كرمالي لقب البطولة الوطنية لفريق مولودية الجزائر سنة 1999 في ظل تراجع مستوى العميد منذ بداية التسعينيات. وجاءت عودة السيد عبد الحميد لتعيد الروح للمولودية مرة أخرى بعدما فاز معها بلقب البطولة.
ولم ينهزم الفريق العاصمي سوى في مباراتين سنة 1999 ويرجع الفضل طبعا في ذلك إلى المرحوم عبد الحميد كرمالي الذي عشق أيضا المولودية ولا ينسى الشناوة وكل الجمهور الجزائري، هذا الرجل الذي يعد هرما من أهرام الكرة الجزائرية.