عاشت إحدى السيدات مع ولدها الوحيد، كانت حياتهما مليئة بالسعادة و الهناء ، إلى أن قدر الله أن يموت ابنها ، و كان لموت ابنها الوحيد أثراً كبيراً و حزناً شديداً في نفسها ، لكنها رغم ذلك كله لم تيأس ، و ذهبت إلى مختار القرية طالبةً منه أن يخبرها عن وصفة تعيد لها ابنها إلى الحياة ، و أخبرته بأنها مستعدةً لتطبيق تلك الوصفة مهما صعبت و مهما كلفها ذلك
أجابها المختار بعد أن فكر ملياً بأنها سيعطيها وصفة جيدة شريطة أن تحضر له حبة خردل من بيت لم يطرق الحزن بابه مطلقاً و لم يعرف الحزن يوماً
و بذلك بدأت السيـدة تدور على كل بيت في القرية باحثةً عن هدفها
طرقت السيدة أول باب ففتحت لها امرأة في مقتبل عمرها فسألتها السيدة إن كان بيتها قد عرف الحزن يوماً، ابتسمت المرأة ابتسامةً خفية مجيبة : و هل عرف بيتي هذا إلا كل حزن؟ و بدأت تسرد لها ان زوجها قد توفي منذ سنتين و ترك لها أولاداً و أنهم يعانون في الحصول على قوت يومهم ، لدرجة أنهم أصبحوا يلجؤون إلى بيع أثاث منزلهم المتواضع للحصول على المال
بعد أن أنهت السيدة زيارتها الطويلة في أول بيت ، دخلت بيتاً آخراًسائلةً عن الطلب نفسه ،و إذ بسيدة الدار تخبرها أن زوجها مريض جدا و ليس عندها من الطعام ما يكفي لأطفالها منذ فترة، فقامت بمساعدة السيدة و ذهبت إلى السوق لتشتري لها طعاماً لها و لأطفالها و زوجها المريض
خرجت السيدة من البيت الثاني و أخذت تدخل بيتاً تلو الآخر باحثةً عن البيت السعيد ن لكن محاولاتها كانت تبوء كلها بالفشل ، لكن مما يجدر ذكره أن تل السيدة كانت لطيفة مع أهالي كل البيوت التي طرقت أبوابها ، و قد حاولت أن تساعد كل بيت في أن تخفف عنهم أسباب حزنهم و ذلك عن طريق تقديم ما يحتاجونه بكل ما تملك
وبمرور الأيام أصبحت السيدة صديقةلبيوت القرية جميعها ، نسيت تماما إنها كانت تبحث في الأصل على حبة خردل من بيت سعيد ما عرف الكآبة أو الحزن ، ذابت السيدة في مشاعر الآخرين و مشاكلهم دون أن تدرك أن مختار القرية قد تعاون معها في منحها أفضل وصفة للقضاء على الحزن حتى ولو لم تجد حبة الخردل التي كانت تبحث عنها.