الجليس الصالح الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى، اعلم أخى المسلم واعلمى اختى المسلمة بعد سلام الله عليكم ورحمته وبركاته أن جليسك إما أن يكون صالحاً وإما أن يكون سيئاً كما أخبر الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، فاحرص على مجالسة الأخيار الصالحين من الإخوان، والكتب، والمواقع، وكل ما يُشاهد، ويُسمع، ويُقرأ، الذين يعينونك على أمر دينك ودنياك؛ واحذر مجالسة الأشرار فإنها لا تأتي بخير.
واحفظ جميع جوارحك عما عنه تسأل غداً، فإنه لن تزول قدما عبد يوم القيامة عن الصراط حتى يُسأل عن عمر وشبابه فيما أفناه وأبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، واعلم أن أنفاسك معدودة، وساعاتك في هذه الدنيا محدودة، وحركاتك وسكناتك مرصودة، وأعمار هذه الأمة بين الستين والسبعين محصورة، ولهذا عندما أخبرت إحدى الصالحات ممن كان قبلنا من الأمم ممن كانوا يعمرون أنه ستأتي أمة تتراوح أعمارها بين الستين والسبعين قالت لمخبرها بذلك بعد أن أطرقت ملياً: أويبنون؟! لو كنتُ منهم لقضيت العمر ساجدة لله عز وجل.
فاستعمل ما آتاك الله من نعم فيما ينفع.
كما أن الكتب في الآخرة قسمان لا ثالث لهما، كتب الأبرار الأخيار التي تؤخذ بالميامن، وكتب الفجار الأشرار التي تعطى بالشمائل، كما أخبر الحق عز وجل، كذلك الأمر في الدنيا، فالكتب إما خيرة صالحة، وإما سيئة طالحة، وليس كل كتاب جليساً صالحاً خيِّراً كما قال أبو الطيب:
وخير جليس في الزمان كتاب
فمن الكتب والمواقع والإخوان ما تحرم مجالستهم، ومنها ما يستحب أو تجب مجالستهم.