ول عمر بن الخطاب رضي الله ( لو كان الفقر رجلا لقتلته) ... ويقول المثل الانجليزي ( الفقر ليس عيبا ولكن من الأفضل إخفاؤه)... و يقول أبو ذر رضي الله عنهُ :( إذا ذهب الفقر إلى بلد قال لهُ الكفر :خذني معك)... الفقر كلمة تتلخص في النقص والحاجة والعجز عن الوصول إلى الحد الأدنى من توفير الحاجات المهمة وتحقيق مستوى معيشي لائق لفئة معينة من الناس في دولة ما قياساً بفئات تتوفر لها كل السبل والإمكانات المادية لتحقيق مستوى معيشي عال وهم من نطلق عليهم الأغنياء....
فالفقر هو ذلك الوحش الكاسر الذي يلتهم العقول ويقتل القلوب ويخنق الأحاسيس الإنسانية ..ويجعل المرء يهيم في دروب الحياة دون أمل في النجاة منه ، وعندما تزداد وطأته وتتفاقم ضغوط الحياة أكثر من المعقول والمحتمل وتزداد الفجوة بين أفراد المجتمع الواحد ويستشري الفساد والمحسوبية وينتاب الناس مشاعر الحقد والحسد والغيرة من الآخرين.. وقد يجنح بعض الفقراء إلى ممارسة العنف للحصول على مايسد رمقهم ويوفر لهم أقل متطلبات الحياة اليومية من مأكل وملبس ومشرب ..
وقد يؤدي ذلك الى ارتفاع معدلات انتشار الجرائم فضلاً عن الاضطرابات وانعدام الأمن والأمان ..وصولاً إلى الحروب الأهلية والمشكلات الاجتماعية المختلفة. ويوماً بعد يوم تتسع دائرة الفقر المدقع ويزداد عدد الفقراء ويفترس الجوع المزيد من المحرومين وتتفاقم الأزمة ويدخل المجتمع في محنة تستدعي الوقوف أمامها لإيجاد الحلول العملية والمعالجات المناسبة نحو الحد من هذه الظاهرة .
إن وصول عدد الفقراء في بلادنا إلى أكثر من ثلثي المجتمع يعتبر مؤشراً خطيراً يهدد أمن واستقرار المجتمع مما يستلزم إرادة مجتمعية ليصبح الفقر قضية شمولية تشغل بال واهتمام جميع الأوساط وتصب كافة الجهود الرسمية وغير الرسمية للحد منه والقضاء عليه , وذلك لن يتم إلا بإقرار الحق في تساوي الفرص حتى تتوفر للإنسان وسائل تجاوز حالة الفقر والخروج منه نهائياً وبتعاون شركاء التنمية الثلاثة داخل المجتمع المتمثلة بالدولة والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني في ايجاد الحلول لهذه المشكلة.. و كان للإسلام دور في محاربة هذه الظاهرة فقد استخدم الإسلام أساليب متعددة لمحاربة الفقر..
لذا نجد أن الإسلام - من خلال نصوص القرآن والسنة - له تصوره المتميز لهذه القضية.. حيث يعتبر أن الفقر مصيبة وآفة خطيرة توجب التعوذ منها ومحاربتها..و حث الإسلام على الدعاء بطلب الغنى.. كما أكد على أن المال ركن هام لإقامة الدين والدنيا .. واعتبر المال خيراً فُطِرَ الإنسان على حبه : قال - تعالى - : (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) , وقال - تعالى - : (وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا) ..وغيرها الكثير من الآيات التي دعت الى ضرورة التخلص من الفقر ومساعدة الفقير في كل الأحوال والظروف.. وقدّم الإسلام حلولاً عملية واقعية يأخذ بها الناس ليدرؤوا عن أنفسهم شبح الفقر والحرمان وما ينجم عنه.. وقد حث الإسلام على السعي والعمل من اجل الكسب الحلال للمقتدر على العمل .. ولا يخلو مجتمع من العاجزين عن العمل والجهاد والكسب من كدّ اليد والاعتماد على النفس من أمثال الأرامل واليتامى والشيوخ وأصحاب العاهات والإعاقات المختلفة التي تمنع ذويها من العمل والكسب , وكذلك الذين لا يكفيهم دخلهم من العمل أو القادرين الذين لم يتيسر حصولهم على عمل بسبب البطالة وقلة فرص العمل , وهؤلاء جميعاً لم يتركهم الإسلام عرضة لآفة الفقر والحرمان تسحقهم وتلجئهم مكرهين إلى ذل السؤال وطلب مساعدة الآخرين , بل عمل على كفالتهم من قِبَلِ المجتمع المسلم الذي ينتمون إليه ويُحسَبون عليه. من خلال الزكاة والصدقات والهبات والأعطيات .. ووضع الاسلام العلاج لداء الفقر, وبيَّن الحلول المتنوعة لمعضلة الحاجة والحرمان.... ومن أسباب الفقر سوء توزيع الثروة و الدخول، وسوء التنظيم، وكذلك الاتكال على الغير والتقاعس عن العمل وثقافة العيب في مجتمعاتنا .. والكوارث الطبيعية والحروب والاستعمار وضعف التعليم والتكاثر السكاني الواسع والسريع مع تطور أنظمة الصحة والحياة،.. والفقر مرتبط بقلة العمل والنشاط والفعالية الحضارية والقدرة على التنمية والتطوير ..
وقد يقل الفقر في المجتمعات المتعلمة والتنافسية والمنظمة للجهد البشري، وهو نسبي حسب الشعوب، لذلك لا أحد يستغرب وجود الفقر في مجتمع ما لأنه موجود في جميع المجتمعات بدرجات متفاوتة، وكأنما هو من خصائص كل مجتمع، إلا أن الفرق يبقى في درجة الفقر ونوعية الفقر وشدته ونسبة الفقراء في المجتمع. قال الحكماء ( الفقر رأس كل بلاء) وقال لقمان لابنه ( يا بني أكلت الحنظل وذقت الصبر فلما أر شيئا أمر من الفقر فإذا افتقرت فلا تحدث بها الناس كي لا ينتقصونك , ولكن اسأل الله تعالي من فضله , فمن ذا الذي سأل الله ولم يعطه من فضله أو دعاء فلم يجب (( اللهم إنا نعوذ بك من العجز والكسل والفقر... يجب أن نتغلب عليه لنصل للغنى الديني والدنيوي فالتمتع بالمال مع الشعور بالآخرين ليس عيبًا وحب المال والبنين من فطرة البشرية.. اللهم كن بعون فقرائنا وأغننا بحلالك عن حرامك ويسّر لنا سبل الكسب الحلال الطيب ..واجعلنا سندا لهم فأنت المعين وانت نعم المولى والنصير ..اللهم آمييييين ..