بغدادُ ماذا أرى في حالِكِ الظُّـلَم نجمًا يلوحُ لنـا أم لفحـةَ الحِمَـمِ
أرى النواحي وضوءُ الـنارِ يلفَحُها فكيـف تجتمعُ النيـرانُ بالظُّلـمِ؟
بغدادُ لا تسكتي رُدي علـى طلبي وامحي سؤالي الذي أحكيه ملءَ فمي
بغدادُ أيـن زمـانُ العِزِّ في بلـدٍ كان السلام به أسمـى من العَلَـمِ؟
دارَ السلامِ أيا بغدادُ، هل بعُـدت عنك الجحافلُ في يومِ الوغى النَّهِمِ
بغدادُ أين سحابُ المزنِ إذ حكمت يَدُ الرشيدِ بعـدلِ اللهِ في الأُمـمِ؟
يقولُ أنَّى سَكَبتِ المزنَ سوف أرى منـه الخـراجَ ويأتيني بـلا غُرُمِ
أين الجحافلُ يا بغـدادُ عن زمـنٍ تخاذَلَ العُرْبُ عن أفعالِ مُعتصِمِ ؟
قادَ الجحافـلَ لم يهنـأ بشربَتِـه حتى أتى ثأرَهُ في الأنجُمِ الحُــرُم
بالله لا تخجلـي واحكي حقيقتَنـا ولتكشفي حالنا حالٌ من السَّـدَمِ
بالله يا نخلـةً مدـَّت جذائرَهـا بين الفراتين في شـطٍ من السَّقَمِ
هل روَّعتـكِ المآسي فوق طينتِها؟ وهل سقتـكِ دمًا تجريهِ بعدَ دَمِ ؟
وهل ستأتي أسـودُ العُربِ يدفعُها نبضُ الكرامَةِ في قلـبٍ لها هَـرِمِ
النارُ نارُك يا بغـدادُ فاصطبـري فما يفيدكِ بعدَ الحَـرقِ مـن نَدَمِ
واسـتنجدي ببني الإسلامِ إنهمـو أُسدُ الوغى وأسودُ الشرك كالعَدمِ
بالله قـولي أيا بغـدادُ مـا فتئت يَدُ المغولِ تزيدُ الجـرحَ بالكَلِـمِ
مرت قرونٌ ثمـانٍ والجـراحُ بنـا تغورُ من رجسِ ما صبُّوه من نِقَمِ
تبـًا لمستعصـمٍ لم يحـمِ دولتَـه فاستهدفتها عبيدُ الرجس والصنَمِ
تبـًا لمستعصمٍ كانـت بطـانَتُـهُ تُزيغُهُ عن طريـق الحقِ والقيَـم
تبًا لمستعصمٍ أمسـت حواشيـهِ تُشارك الناسَ في الأرزاقِ واللُّقمِ
تبـًا لمستعصـمٍ أفنـى خزينتَـهُ على الغواني وأهلِ الرَّقصِ والنَّغَم
تبـًا لمستعصـمٍ يخشـى رعيَتـه وآمِنٌ بيـنَ أعـداءٍ على الحُـرَمِ
تبًا لمستعصـمٍ لا يستحـي أبـدًا ينقادُ ذلاً من الأعـداءِ كالبَهَـم
تبًا لمستعصـمٍ أبـدى شـجاعتَه على الرَّعِيـةِ بالتنكيل والتُهَـمِ
حانَ الوداعُ أيـا بغـدادُ فانتحبي فقد أصيـبَ جميعُ القومِ بالصَّمَم
حانَ الوداعُ أيا بغـدادُ قد نُحِرَتْ رجولةُ القَـومِ في ميـدانِ مُنتقِمِ
حان الوداعُ وعذرُ القـومِ أنهمو لا يقدرون على الأرماحِ والحُسُمِ
هذا الوداعُ فموتى خيرَ عاصمـةٍ مذبوحةً ربمـا ماتـتْ بـلا ألَم!