لامية العرب للشنفري
المتوفى نحو 70 قبل الهجرة
وهو ثابت بن أوس الأزدي الملقب بالشنفرى ، نشأ بين بني سلامان من بني فهم الذين أسروه وهو صغير ، فلما عرف بالقصة حلف أن يقتل منهم مائة رجل ، وقد تمكن من قتل تسعة وتسعين منهم ، وأما المائة فقيل إنه رفس جمجمة الشنفرى بعد موته فكانت سبباً في موته .وهو - أي الشنفرى - من أشهر عدَّائي الصعاليك كتأبط شراً وعمرو بن براقة ، ومن أشهرهم جرأة وقد عاش في البراري والجبال .
أقـيموا بـني أمـي ، صـدورَ مَـطِيكم
فـقد حـمت الـحاجاتُ ، والـليلُ مـقمرٌ
وفـي الأرض مَنْأىً ، للكريم ، عن الأذى
لَـعَمْرُكَ ، مـا بالأرض ضيقٌ على أمرئٍ
ولـي ، دونـكم ، أهـلونَ : سِيْدٌ عَمَلَّسٌ
هـم الأهـلُ . لا مـستودعُ الـسرِّ ذائعٌ
وكــلٌّ أبــيٌّ ، بـاسلٌ . غـير أنـني
وإن مـدتْ الأيـدي إلـى الـزاد لم أكن
ومــاذاك إلا بَـسْـطَةٌ عــن تـفضلٍ
وإنـي كـفاني فَـقْدُ مـن لـيس جـازياً
ثـلاثـةُ أصـحـابٍ : فــؤادٌ مـشيعٌ ،
هَـتوفٌ ، مـن الـمُلْسِ المُتُونِ ، يزينها
إذا زلّ عـنـها الـسهمُ ، حَـنَّتْ كـأنها
ولـسـتُ بـمـهيافِ ، يُـعَشِّى سَـوامهُ
ولا جـبـأ أكـهـى مُــرِبِّ بـعـرسِهِ
ولا خَــرِقٍ هَـيْـقٍ ، كــأن فُــؤَادهُ
ولا خــالـفِ داريَّــةٍ ، مُـتـغَزِّلٍ ،
ولـسـتُ بِـعَـلٍّ شَــرُّهُ دُونَ خَـيـرهِ
ولـستُ بـمحيار الـظَّلامِ ، إذا انـتحت
إذا الأمـعـزُ الـصَّوَّان لاقـى مـناسمي
أُدِيــمُ مِـطالَ الـجوعِ حـتى أُمِـيتهُ ،
وأسـتفُّ تُـرب الأرضِ كـي لا يرى لهُ
ولـولا اجـتناب الـذأم ، لم يُلْفَ مَشربٌ
ولـكـنَّ نـفـساً مُــرةً لا تـقيمُ بـي
وأطوِي على الخُمص الحوايا ، كما انطوتْ
وأغـدو عـلى الـقوتِ الـزهيدِ كما غدا
غـدا طَـاوياً ، يـعارضُ الرِّيحَ ، هافياً
فـلـمَّا لـواهُ الـقُوتُ مـن حـيث أمَّـهُ
مُـهَـلْهَلَةٌ ، شِـيـبُ الـوجوهِ ، كـأنها
أو الـخَـشْرَمُ الـمبعوثُ حـثحَثَ دَبْـرَهُ
مُـهَـرَّتَةٌ ، فُــوهٌ ، كــأن شُـدُوقـها
فَـضَجَّ ، وضَـجَّتْ ، بِـالبَرَاحِ ، كـأنَّها
وأغـضى وأغـضتْ ، واتسى واتَّستْ بهِ
شَـكا وشـكَتْ ، ثم ارعوى بعدُ وارعوت
وَفَــاءَ وفــاءتْ بـادِراتٍ ، وكُـلُّها ،
وتـشربُ أسـآرِي الـقطا الكُدْرُ ؛ بعدما
هَـمَمْتُ وَهَـمَّتْ ، وابـتدرنا ، وأسْـدَلَتْ
فَـوَلَّـيْتُ عـنها ، وهـي تـكبو لِـعَقْرهِ
كــأن وغـاهـا ، حـجـرتيهِ وحـولهُ
تـوافـينَ مِـن شَـتَّى إلـيهِ ، فـضَمَّها
فَـعَبَّتْ غـشاشاً ، ثُـمَّ مَـرَّتْ كـأنها ،
وآلــف وجـه الأرض عـند افـتراشها
وأعــدلُ مَـنـحوضاً كـأن فـصُوصَهُ
فــإن تـبـتئس بـالشنفرى أم قـسطلِ
طَـرِيـدُ جِـنـاياتٍ تـياسرنَ لَـحْمَهُ ،
تـنامُ إذا مـا نـام ، يـقظى عُـيُونُها ،
وإلــفُ هـمـومٍ مــا تـزال تَـعُودهُ
إذا وردتْ أصـدرتُـهـا ، ثُــمَّ إنـهـا
فـإما تـريني كـابنة الـرَّمْلِ ، ضـاحياً
فـأني لـمولى الـصبر ، أجـتابُ بَـزَّه
وأُعــدمُ أحْـيـاناً ، وأُغـنى ، وإنـما
فــلا جَــزَعٌ مــن خِـلةٍ مُـتكشِّفٌ
ولا تـزدهي الأجـهال حِلمي ، ولا أُرى
ولـيلةِ نـحسٍ ، يـصطلي الـقوس ربها
دعـستُ عـلى غطْشٍ وبغشٍ ، وصحبتي
فـأيَّـمتُ نِـسـواناً ، وأيـتـمتُ وِلْـدَةً
وأصـبح ، عـني ، بـالغُميصاءِ ، جالساً
فـقـالوا : لـقـد هَـرَّتْ بِـليلٍ كِـلابُنا
فـلـمْ تَــكُ إلا نـبـأةٌ ، ثـم هـوَّمَتْ
فـإن يَـكُ مـن جـنٍّ ، لأبـرحَ طَارقاً
ويـومٍ مـن الـشِّعرى ، يـذوبُ لُعابهُ ،
نَـصَـبْتُ لـه وجـهي ، ولاكـنَّ دُونَـهُ
وضـافٍ ، إذا هـبتْ له الريحُ ، طيَّرتْ
بـعـيدٍ بـمـسِّ الـدِّهنِ والـفَلْى عُـهْدُهُ
وخَـرقٍ كـظهر الـترسِ ، قَـفْرٍ قطعتهُ
وألـحـقـتُ أولاهُ بـأخـراه ، مُـوفـياً
تَـرُودُ الأراوي الـصحمُ حـولي ، كأنَّها
ويـركُـدْنَ بـالآصالٍ حـولي ، كـأنني
فـإني ، إلـى قـومٍ سِواكم لأميلُ !
وشُـدت ، لِـطياتٍ ، مطايا وأرحُلُ؛
وفـيها ، لـمن خاف القِلى ، مُتعزَّلُ
سَـرَى راغـباً أو راهباً ، وهو يعقلُ
وأرقـطُ زُهـلول وَعَـرفاءُ جـيألُ
لـديهم ، ولا الجاني بما جَرَّ ، يُخْذَلُ
إذا عـرضت أولـى الـطرائدِ أبسلُ
بـأعجلهم ، إذ أجْـشَعُ الـقومِ أعجل
عَـلَيهِم ، وكـان الأفـضلَ المتفضِّلُ
بِـحُسنى ، ولا فـي قـربه مُـتَعَلَّلُ
وأبـيضُ إصـليتٌ ، وصفراءُ عيطلُ
رصـائعُ قـد نيطت إليها ، ومِحْمَلُ
مُــرَزَّأةٌ ، ثـكلى ، تـرِنُ وتُـعْوِلُ
مُـجَـدَعَةً سُـقبانها ، وهـي بُـهَّلُ
يُـطالعها فـي شـأنه كـيف يـفعلُ
يَـظَلُّ بـه الـكَّاءُ يـعلو ويَـسْفُلُ ،
يـروحُ ويـغدو ، داهـناً ، يـتكحلُ
ألـفَّ ، إذا مـا رُعَته اهتاجَ ، أعزلُ
هـدى الهوجلِ العسيفِ يهماءُ هوجَلُ
تـطـاير مـنـه قــادحٌ ومُـفَـلَّلُ
وأضـربُ عنه الذِّكرَ صفحاً ، فأذهَلُ
عَـليَّ ، مـن الطَّوْلِ ، امرُؤ مُتطوِّلُ
يُـعـاش بـه ، إلا لـديِّ ، ومـأكلُ
عـلى الـضيم ، إلا ريـثما أتـحولُ
خُـيُـوطَةُ مــاريّ تُـغارُ وتـفتلُ
أزلُّ تـهـاداه الـتَّـنائِفُ ، أطـحلُ
يـخُوتُ بـأذناب الـشِّعَاب ، ويعْسِلُ
دعــا ؛ فـأجـابته نـظائرُ نُـحَّلُ
قِــداحٌ بـكـفيَّ يـاسِرٍ ، تـتَقَلْقَلُ
مَـحَابيضُ أرداهُـنَّ سَـامٍ مُعَسِّلُ ؛
شُـقُوقُ الـعِصِيِّ ، كـالحاتٌ وَبُسَّلُ
وإيـاهُ ، نـوْحٌ فـوقَ علياء ، ثُكَّلُ ؛
مَـرَاميلُ عَـزَّاها ، وعَـزَّتهُ مُرْمِلُ
ولَـلصَّبرُ ، إن لم ينفع الشكوُ أجملُ!
عـلى نَـكَظٍ مِـمَّا يُـكاتِمُ ، مُـجْمِلُ
سـرت قـرباً ، أحـناؤها تتصلصلُ
وَشَـمَّـرَ مِـنـي فَــارِطٌ مُـتَمَهِّلُ
يُـبـاشرُهُ مـنها ذُقـونٌ وحَـوْصَلُ
أضـاميمُ مـن سَفْرِ القبائلِ ، نُزَّلُ ،
كـما ضَـمَّ أذواد الأصـاريم مَـنْهَل
مع الصُّبْحِ ، ركبٌ ، من أُحَاظة مُجْفِلُ
بـأهْـدَأ تُـنـبيه سَـناسِنُ قُـحَّلُ ؛
كِـعَابٌ دحـاها لاعـبٌ ، فهي مُثَّلُ
لما اغتبطتْ بالشنفرى قبلُ ، أطولُ !
عَـقِـيرَتُهُ فــي أيِّـها حُـمَّ أولُ ،
حِـثـاثاً إلــى مـكروههِ تَـتَغَلْغَلُ
عِـياداً ، كـحمى الرَّبعِ ، أوهي أثقلُ
تـثوبُ ، فـتأتي مِن تُحَيْتُ ومن عَلُ
عـلى رقـةٍ ، أحـفى ، ولا أتـنعلُ
عـلى مِثل قلب السَّمْع ، والحزم أنعلُ
يـنـالُ الـغِنى ذو الـبُعْدَةِ الـمتبَذِّلُ
ولا مَــرِحٌ تـحت الـغِنى أتـخيلُ
سـؤولاً بـأعقاب الأقـاويلِ أُنـمِلُ
وأقـطـعهُ الـلاتـي بـهـا يـتنبلُ
سُـعارٌ ، وإرزيـزٌ ، وَوَجْرٌ ، وأفكُلُ
وعُـدْتُ كـما أبْـدَأتُ ، والليل أليَلُ
فـريقان : مـسؤولٌ ، وآخـرُ يسألُ
فـقلنا : أذِئبٌ عسَّ ؟ أم عسَّ فُرعُلُ
فـقلنا قـطاةٌ رِيـعَ ، أم ريـعَ أجْدَلُ
وإن يَـكُ إنـساً ، مَاكها الإنسُ تَفعَلُ
أفـاعيه ، فـي رمـضائهِ ، تتملْمَلُ
ولا سـتـر إلا الأتـحميُّ الـمُرَعْبَلُ
لـبائدَ عـن أعـطافهِ مـا تـرجَّلُ
لـه عَـبَسٌ ، عافٍ من الغسْل مُحْوَلُ
بِـعَـامِلتين ، ظـهرهُ لـيس يـعملُ
عـلى قُـنَّةٍ ، أُقـعي مِـراراً وأمثُلُ
عَــذارى عـليهنَّ الـملاءُ الـمُذَيَّلُ
مِن العُصْمِ ، أدفى ينتحي الكيحَ أعقلُ
اسم القصيدة